روزانا بومنصف
يضغط فريق الثنائي المسيحي اكثر من اي فريق سياسي اخر في اتجاه المسارعة الى اقرار قانون انتخاب جديد استنادا الى تلويح رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل بالذهاب مجددا الى "القانون الارثوذكسي" او طلب رئيس "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذهاب الى مجلس النواب اذا لم يتم التوافق على قانون جديد وذلك عطفا على كلام او معلومات تتحدث عن نية رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى مجلس النواب اما عبر رئيسه او برسالة مباشرة الى المجلس. وفي اي من الحالين فان على الرئيس نبيه بري دعوة المجلس للانعقاد لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ الموقف او الاجراءات المناسبة بما يعني ان الرئيس يرمي الكرة في ملعب المجلس ويحمله مسؤولية عدم اقرار قانون جديد بدلا من ان تكون الكرة في ملعبه الان من خلال رفضه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي يسمح باجراء الانتخابات على اساس القانون النافذ. الضغط الذي يمارسه الثنائي المسيحي يرتبط وفق مصادر سياسية بالفرصة التاريخية المناسبة من اجل تأمين التوافق على قانون انتخاب يكرس المكتسبات التي حصل عليها المسيحيون مبدئيا من خلال انتخاب العماد ميشال عون رئيسا وتوظيف الدينامية الداخلية او الجانب المسيحي منها في تثبيت ذلك اكثر في قانون انتخاب جديد. فالفرصة تاريخية وقد لا تتوافر في ظروف مختلفة انطلاقا من ان الزخم الذي يستخدم للدفع في هذا الاطار هو لتصحيح التمثيل الذي كان منتقصا منذ تولي الوصاية السورية تطبيق اتفاق الطائف على نحو يقفل ابواب الانتقادات من داخل الصف المسيحي ايا تكن النظرة الى اهداف الثنائي المسيحي علما ان هذه الاهداف مقلقة لافرقاء كثر انطلاقا من ان الخطوة التالية لهما وانسجاما مع تكريس المكاسب قد تكون التحكم بكل آلية التعيينات في ما خص المواقع المسيحية بصرف النظر عن الكفايات ما يعزز المحسوبيات الحزبية في رأي هذه المصادر. ثم ان هناك اجماعا على رفض قانون الستين اقله علنا وينوي الثنائي توظيفه بترجمة ذلك بالانتقال الى قانون جديد خصوصا ان احدا من الافرقاء لا ولم يناقش موضوع استعادة المسيحيين ما يعتبرون حصصهم وان كان ذلك غير مريح لهؤلاء الافرقاء ليس تبعا لتقليص حجم كتلهم الانتخابية بل ان ذلك يؤدي وفق ما تقول هذه المصادر الى تنفيذ "القانون الارثوذكسي" اي اختيار كل طائفة نوابها ولو باسلوب مقنع وهو ما يحصل في قوانين الانتخاب التي تقترح علما ان السعي يتم من اجل تطبيق ذلك عند المسيحيين خصوصا في الوقت الذي هو محسوم لدى الثنائي الشيعي. وهو امر يترك المجال مفتوحا لتقليص حصة "تيار المستقبل" والرئيس سعد الحريري ليس مسيحيا فحسب من خلال انتزاع المقاعد المسيحية من كتلته بل عدم امكان ضمان تمثيله الأثقل للطائفة السنية اولا استنادا الى وجود تنافس قوي داخل الطائفة السنية من جهة ولان لـ" حزب الله" حلفاء من ضمن هذه الطائفة ينوي المحافظة عليهم شأنه في ذلك شأن حلفاء له لدى الطوائف الاخرى وان على نحو رمزي . وفي هذا الاطار ربما تجدر الاشارة الى ان البحث عن قانون الانتخاب العتيد حصرا لا يعني عزله عن مجريات الوضع السياسي او المواقف التي يعبر عنها المسؤولون. اذ ثمة معطيات تفيد بان بعض الفتور او عدم الحماسة في انتاج قانون جديد حصلا على وقع مواقف لمراجع اثارت نقزة داخلية وخارجية على حد سواء وذلك في الوقت الذي يراقب الخارج اكثر من الداخل طبيعة التوازنات التي رست عليها التسوية الرئاسية واثرها على مؤسسات الدولة ومكوناتها. ولم يكن هناك ارتياح لمحاولة مسبقة لترجيح كفة سياسية على اخرى علما ان الانتخابات النيابية لم تحصل بعد ما رسم علامات استفهام عما يمكن ان يكون عليه الوضع في ضوء مناقشة قانون انتخاب لا يأخذ التحالفات الجديدة التي رست بعد التسوية في الاعتبار بل يمكن ان يزيد الخلل في توازناتها السياسية. وهذا ما لن يكون مرغوبا فيه في ظل القلق على استقرار لبنان والمحافظة على حياد مؤسساته وفي مقدمها الجيش.
تقول المصادر ان الضغط المتمثل بضرورة اجراء الانتخابات يثقل على الطبقة السياسية لكن اكثر ما يكون على رئيس الجمهورية الذي لا يمكن مناقشة حقه في ارسال رسائل الى مجلس النواب نص عليها الدستور. الا انه من المفترض ان مناقشة الرسالة التي يمكن ان يوجهها الرئيس والتي تطرح موضوع قانون الانتخاب ان تفتح الباب امام جلسة تشريعية لاقرار قانون جديد. لكن المحاذير تكمن في اقرار قانون غير توافقي ولا يرسي قواعد المساواة والعدالة بين الجميع علما ان توجيه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب سيستند فيها الى مقدمة الدستور التي تنص على ان لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية من اركانها المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز او تفضيل، وهو ما ليست عليه حال غالبية القوانين المطروحة. واحد المحاذير الا يتمكن مجلس النواب من اقرار قانون عجز حتى الان عن التوصل اليه ما لا يعني ضرورة اهمال رسالة الرئيس لكن عدم قدرته على الاخذ بمضمونها علما ان لا شيء يلزم المجلس قانونا بالاخذ به. لكن المسألة تتصل بهيبة الرئيس المعنوية اذا فشل المجلس في التجاوب مع رغبته في اقرار قانون جديد. لذلك تستمر عملية عض الاصابع ما لم تحصل تنازلات من الجميع تحتمها اللحظة الاخيرة اذا شاء الرئيس انجاز قانون جديد، وهذا يشمل الفريق المسيحي .
التعليقات