علي سعد الموسى
ومثلكم جميعاً، كنت أعلم مسبقاً أن هذا الحضور التاريخي للغالية الرياض سيواجه ببعض أفلام وأقلام الردح، وبالتحديد، من مأجوري إيران وأذنابها وللأسف بألسن عربية، اخترت لكم منها تغريدة نائب لبناني من فصيل حزب «حارة حريك» اشتهر على الدوام بعدائه السافر للسعودية.
نكرة لا يشرفني أن أكتب اسمه وهو يقضي طوال الأيام الثلاثة متنقلاً بين قنوات «قم»، من عاصمة بلده ومن الزحمة يظهر بذات البدلة. يقول في تغريدة أقرب لحجم الألم والوجع (لو صرفت السعودية مليارات السلاح على الجائعين العرب وعملت على إنماء العالم العربي لاشترت قلوب ملايين العرب ولما احتاجت سلاحا لا يستعمل).
وفي الجواب المباشر: نحن فعلنا أضعاف ذلك، وبلا منة أو مقايضة، مع كل شعب عربي ومسلم كريم، وهذا أقل الواجب علينا، وهو قدرنا التاريخي مع إخوة الدم والعقيدة. فعلنا ذلك حتى معك ومع أشباهك، ولن أكمل قول الشاعر الذي لا ينطبق إلا عليك. وكدت أن أجيب عليه «فلوسنا ونحن أحرار فيها»، لكن هذا خروج عن الرصانة، وأيضاً فالجملة العنوان لا تصف واقع ما حصل بين الرياض وواشنطن بالضبط، وهنا أتحدث إليك عزيزي القارئ الكريم لا إلى هذا النائب النكرة.
أولاً: فحجم الأرقام المليارية المعلنة في اتفاقيات البلدين الصديقين هي بالتقريب ما كنا سنصرفه على التنمية الصناعية والبترولية والتقنية والعسكرية في العقد القادم من الزمن مع أميركا أو مع غيرها، وبهذه الاتفاقيات أو بدونها، نحن نتحدث عن رقم مقسوم على سنوات عشر، ونتحدث عن حجم إنفاق لاقتصاد عالمي ضخم مثل الاقتصاد السعودي.
ثانياً: ما ستفعله السعودية بعد هذه الاتفاقيات التاريخية، وهو البدهي المتوقع، أنها ستنسحب من بضعة أسواق عالمية أخرى ثم تتجه إلى سوق الشريك الأميركي الاستراتيجي. هو باختصار نفس المبلغ الذي
كنا سنحمله في الجيب، والفارق، أننا سندخل به إلى السوق الأكبر الذي نعرفه من قبل ويعرفنا جيداً ويثق في التزامنا ونثق بمنتجه، ومثل أي دولة كبرى وعظمى، فالرياض تدير بوصلتها السياسية من بوابة الاقتصاد، وهو كما قلت بالأمس سلاحها الناعم الذي كان من أبرز الأسباب التي جعلت من الرياض رأس عواصم كل هذه الأرض في الأسبوع الأخير.
ثالثاً: نحن نعترف بأننا نشتري سلاحاً قد لا يستعمل، بل نتمنى ونسعى بكل جهد وصبر وحلم ألا نستعمله على الإطلاق. نحن بلد اقتصاد ورفاه وتنمية، لا بلد حروب وأسلحة، ونحن بنينا هذه المعجزة في قلب هذه الصحراء القاحلة. وأصعب من بنائها ليس إلا حمايتها وقد جرب كثر من حولنا مجرد الاقتراب من آخر شبر على الحدود، فلم يلقوا إلا كل ما نعرف، الجيش والأمن والحرس الوطني لدينا مؤسسات مدنية خالصة مثلما هي في كل العوالم المتحضرة، عليها نصرف بسخاء لكننا منها ومعها نعيش ونأكل ونشرب. المؤسسة العسكرية السعودية جزء من هيكل اقتصادنا ورفاه حياتنا واستثماراتنا المحلية الاستراتيجية.
التعليقات