عمرو سلام

أكدت الإعلامية نادين البدير أن والدها هو الداعم الأول لمسيرتها الإعلامية، ومنحها دفعة قوية لأن تبرز إعلاميا بعد أن فوجئ بظهورها الإعلامي، مشيرة إلى أن المرأة السعودية أثبتت حضورها بعد تجربتين ناجحتين في مجلس الشورى والمجالس البلدية، مرجعة ذلك النجاح لنضوج المجتمع السعودي الذي أثبت في الانتخابات البلدية أنه متقبل للمرأة ودمجها في المجتمع.

وإليكم تفاصيل الحوار:

• كانت بداياتك الإعلامية من خلال مقال سياسي في صحيفة «عكاظ».. حدثينا عن تلك التجربة؟

•• أول صحيفة كتبت فيها كانت «عكاظ»، بعدها انتقلت لمجلة المجلة، ثم صحيفة الوطن، ومنذ عام ٢٠٠٧ وأنا أنشر في المصري اليوم والرأي الكويتية، ثم انقطعت عن الكتابة في الصحف السعودية منذ سنوات.

البدايات كانت محيرة لأني حين بدأت الكتابة في «عكاظ» كان الطريق الذي أخطط له بعيدا جدا عن الإعلام. وكان حلمي الانتقال للحياة في لندن لأكمل الدكتوراه وأعيش هناك، مع أول مقال نشرته تغيرت نظرة والدي لي. أصبح يأخذ رأيي في كثير من الأمور وصار يمنحني بعض الحريات التي كانت ممنوعة تماماً. وحين استضافني الإعلامي الكويتي محمد الجاسم للحديث عن المرأة السعودية، وكان ظهوري الأول على شاشة تلفزيون، تعجب كل من في البيت لأني كنت مضطرة للسفر لتسجيل البرنامج. كان السؤال المطروح في ذهن العائلة حينها، من هي نادين كي يستضيفوها في برنامج مهم كهذا؟ سافر معي والدي وقتها وبعد عودته قال لي: «أنا فخور جدا بك»، وحين جاءني عرض لتقديم برنامج عن المرأة قال لي: لم أعد بحاجة لمرافقتك، سافري وحدك.

• أين تصنفين ترتيب برنامجك (اتجاهات) من بين البرامج الحوارية على مستوى البرامج السعودية؟

•• أعتقد أن ما يميز اتجاهات هو جرأة الطرح. أحد الضيوف وهو مثقف سعودي قال لي، «تعرفين أن المحاور هو من بإمكانه تقييد الضيف أو فسح المجال له للتحرر من القيود والبدء بالإفصاح. وهذا ما منحني إياه برنامجك».

• من ينافس برنامج (اتجاهات) برأيك؟

•• أتمنى أن ينافسني أكبر قدر ممكن من البرامج، فأنا صاحبة رسالة قبل أن أكون إعلامية باحثة عن شهرة أو عن أكبر قدر من المتابعين.

لذلك أتمنى أن ينافسني الجميع، فذلك يعني تمتع الجمهور بالبرامج التي تغذي العقل وتدفع للتفكير، والانفكاك من ماض يمنع العقل من العمل، ويجبره على التحول من حالة العقل الإنسانية الطبيعية إلى حالة العقل الاتكالي المحروم من الأسئلة، ومن الإجابة، وبالتالي من الإبداع والنهضة.

• ماذا ينقص الإعلامية السعودية لكي تبدع وتتميز؟

•• الإعلاميات السعوديات فاجأن الجميع. كيف لهذا المكان الذي يقال عنه إنه يقمع المرأة ولا يؤمن بأهليتها أن تخرج من رحمه أنثى بإمكانها الوقوف أمام الكاميرا والوصول لكل مجلس وبيت، أعتقد أن الإعلامية السعودية متميزة ومطلوبة في الإعلام الفضائي، لكني أتمنى أن أسمع كثيرا بأن عددا منهن أصبحن سفيرات لمؤسسات مختلفة، لذا أتمنى أن يصبحن سفيرات لقضايا المرأة العالقة ويوجهن اهتماماتهن لقضايا المرأة.

• كونك ناشطة ومدافعة عن حقوق المرأة كيف تصفين السيدة السعودية اليوم؟

•• جميلة، أنيقة، تحب الموضة، تحب السفر، تهوى الحياة، تتوق لكل ما له علاقة بالحضارة والعالم المتقدم، متعلمة من الطراز الرفيع، حاصلة على شهادات، تمنح أسرتها عطاء هائلا وتضحيات جمة، ولا تجد عيبا في المشاركة بالإنفاق على أسرتها.

• منحت المرأة السعودية فرصة لإثبات وجودها في المجالس البلدية ومجلس الشورى وبعض المناصب القيادية، هل ترين أنهن خذلن بنات جنسهن؟ أم ترين أنهن نجحن في إثبات وجودهن؟

•• هناك شقان للإجابة على هذا السؤال؛ الأول متعلق بالهم الذي تحمله كل امرأة وصلت لمنصب في مختلف البلدان، فـ«البرلمانية» مطلوب منها تنفيذ مهماتها إضافة لتمثيل المرأة والمطالبة بحقوقها، ووزيرة العمل مطلوب منها القضاء على البطالة لكن في الوقت ذاته رفع راية المرأة. كل النساء اللواتي يعشن في معاناة منتظرات أن تحمل صاحبة المنصب همهن وترفعه لصاحب القرار، عكس الرجل، فالوزير أو البرلماني أو غيره يحمل هم المنصب فقط دون أن تكون قضية الجنس الذكوري مسؤولية تلاحقه أينما وصل وترفع.

لذا فطبيعي أن تكون كل الأعين على عضوات مجلس الشورى وعضوات المجالس البلدية، لأن المطلوب منهن بحسب النص التقليدي رفع قضايا المرأة لأعلى قمة كي تحل أخيرا.

أما «البلدية» فانتخابات هذه المجالس كانت إثباتا لا يوصف لخطأ مقولة (المجتمع غير مستعد). هناك أعداد هائلة صوتت للمرأة في قرى ومحافظات عرف عن أهلها وقبائلها التشدد، فإذا بهم أول من ينتصر للمرأة ويدافع عن حقها عبر ترشيحها ودفعها للمشاركة السياسية.

• كيف تصل نحو 20 امرأة بانتخابات نزيهة من المرة الأولى في مجتمع يشاع أنه يقمع المرأة ويرفض وجودها؟

•• لم يحدث هذا الأمر في أي بلد عربي أو خليجي حديث عهد بالانتخابات.. أغلب الدول العربية (حتى التي سبقتنا في الأحوال المدنية) لديها حصص كوتا لضمان وجود المرأة والأقليات. أما في السعودية فكانت الصدمة إذ وصلت المرأة للمجالس البلدية دون كوتا أبدا. وهذه قبعة يستحق رفعها لمجتمعنا السعودي التواق للحضارة ولتحرير المرأة ولاحترامها.

• قلتِ في تصريحات صحفية إن الليبرالية هي موضة فكرية في المملكة! إلى ماذا كان استنادك في هذا الرأي؟

•• أقدم اعتذارا كبيرا جدا عن مقالي (العفن الليبرالي السعودي) فقد كنت أود من خلاله دعوة الليبراليين لرفع حدة نشاطهم ودفعهم نحو جرأة الطرح، والآن أقدم اعتذاري لكل ليبرالي سعودي سواء كان شجاعا أو جبانا لأني أصبحت أكثر نضجا، وأرحم عدم قدرته على مواجهة المجتمع. لكني لا أقدم الاعتذار للمنافقين الذين يتلونون ويتشكلون وفق الموضة السائدة، فإن كان التوجه نحو التشدد تجدهم فجأة مدافعين عن التقاليد وعن التراث، وإن شعروا أن الكفة في صالح الانفتاح انكبوا على شتم التخلف والدعوة للحرية.