عبدالمحسن يوسف جمال


مرّ على الغزو أكثر من ربع قرن، وولد جيل جديد لم يشهد تلك الأيام القاسية، حين أراد الغزاة محو الكويت من على الخريطة ونسيانها.
واليوم تعددت الأحداث والمشاهد، لدرجة أن الكثير ممن عاشوا تلك الأيام نسوها بمرها وحلوها، الذين ولدوا بعد ذلك لم يشهدوها.
ولكن هناك أبطالاً ما زالوا يذكروننا بتلك الأيام الخوالي، وسيظلون شهودا لأصعب فترة مرت على ديرتنا الحبيبة.
أوائل أولئك شهداؤنا الأبرار، الذين قدموا أغلى ما عندهم، وهي أرواحهم العزيزة، رخيصة لبلدهم، وكذلك الأسرى الذين بذلوا حريتهم لرفع شأن ديرتهم.
ثم هناك الجرحى الذين أصيبوا بإعاقات دائمة، ما زال الكثير منهم يعاني منها، سواء إعاقات بدنية أو نفسية.
هؤلاء يجب ألا ننساهم مهما كانت الظروف ومهما تراكمت الأيام والسنون.
وبين حين وآخر يلتقي أحدنا بأحد هؤلاء الأبطال الأحياء، ويستمع إلى قصته مع معاناته أيام الغزو، وكيف تعرض للاضطهاد والتعذيب، إلى أن نجاه الله برحمته، وكذلك الشباب المقاوم من الفتيات والفتيان، الذين يجب ألا ننساهم مهما كانت الظروف.
ويروي لي أحدهم كيف نجاه الله من حكم الإعدام، الذي أصدره زبانية صدام على مجموعة من الشباب الكويتي من دون محاكمة، وكيف أن الرصاصة لم تصبه بمقتل، فأصبح شهيداً حياً شاهداً على ما حدث للكويت.
وعلينا ألا ننسى هؤلاء، حيث إن بعضهم يعاني الأمرين هذه الأيام.
وبنفس الاتجاه علينا أن نتذكر شهداء القرين ومن نجا منهم، حيث سجلوا أروع الأمثلة لشعب الكويت المتلاحم والمتكاتف.
واليوم لا أظن أن أحداً مهما كان يستطيع أن يفرق بين أهل الكويت، الذين اختلطت دماؤهم وجراحاتهم ومعاناتهم بعضها مع بعض.
قد نجد خللا هنا أو نقصا هناك، ولكننا في النهاية سنواصل مسيرة بناء الكويت كشعب واحد متلاحم.
وعلينا الحذر ممن يريد تقسيمنا وزرع الشقاق بيننا.
فالكويت والكويتيون يعالجون أمورهم بأنفسهم من دون تدخل من أحد، فهذا هو ديدنهم أبد الدهر، فهلا أهملنا من يريد الفتنة، وعشنا ككويتيين كما عاش الآباء والأجداد.