حسين شبكشي

 تابعت وسائل الإعلام المختلفة «الحضور» العسكري العملي للدولة اللبنانية عن طريق المعارك الدائرة في منطقة جرود عرسال، وهي رمزية مهمة لتثبيت دور للدولة طال انتظاره، بعد أن اختطف من قبل تنظيم إرهابي ابتز وهدد الساسة والشعب والدولة نفسها باسم المقاومة. 

وأثبتت الأيام لاحقاً وفضحته لتثبت أنه ما هو إلا أداة عميلة بأيدي نظام ولاية الفقيه والحرس الثوري لتطبيق مخطط تصدير الثورة وتفتيت دول المنطقة العربية. (وهو مشروع لم يخفه زعيم التنظيم حسن نصر الله الذي أعلن ذلك بنفسه أكثر من مرة في تصاريح موجودة وموثقة له). والأمل قائم في أن تقوم الدولة بتطهير لبنان من جميع مواقع وجود التنظيمات الإرهابية، مناطق مثل الضاحية الجنوبية والنبطية والبقاع الجنوبي وبعلبك، وهي جيوب «محتلة» عسكرياً وفعلياً من قبل تنظيم «حزب الله». 
وليس هذا فحسب ولكن على أقل تقدير أن يقوم هذا الحزب بتسليم المطلوبين قضائياً بتهم اغتيال رفيق الحريري ومسؤولين آخرين يقبعون في مناطق نفوذ الحزب الإرهابي وتحت حمايته. 
هذه الإشكالية صحيح أنها في ظاهرها مسألة لبنانية داخلية بحتة، ولكن الأمر ليس كذلك في الواقع؛ لأن «حزب الله» في حقيقة أمره أداه لتصدير الإرهاب إلى دول مختلفة في العالم العربي، دول مثل الكويت التي تواصل اكتشاف الخلايا الإرهابية تباعًا، الواحدة تلو الأخرى، وجميعها لها علاقة وثيقة بتنظيم حزب الله في لبنان، والشيء نفسه تماماً ينطبق على ما يتم الكشف عنه تباعاً في البحرين التي تعاني المعاناة نفسها هي الأخرى جراء تدخل هذا التنظيم في تمويل وتدريب وتوجيه عناصر الفتنة والإرهاب في البحرين، والسعودية اكتشفت حدوث الأمر نفسه على أرضها، وأعلنت عنها من قبل وها هي أيادي هذا التنظيم تظهر بأشكال مختلفة في مصر واليمن والأردن والجزائر والسودان والمغرب وسوريا والعراق والإمارات كلها تصب في المصلحة ذاتها والهدف نفسه، ألا وهو خدمة المشروع الإيراني الثوري والطائفي والهدام والتوسعي. وبالتالي إذا لم تضع الحكومة والدولة اللبنانية حداً لهذا التنظيم فقد بات على العالم العربي التحرك لحماية نفسه من هذا «الإيبولا» السياسي، والخطوة الأولى والأهم المطلوب عملها، تبني موقف عربي لطلب ترسيم الحدود اللبنانية ليوضع فيه حد لوضعية مزارع شبعا (والمعروف أنها تابعة لسوريا وليس للبنان) ولكن نظام بشار الأسد وقبله حافظ الأسد تركاها لتكون ذريعة مد نفوذ تنظيم «حزب الله» وبسط سلطانه بالقوة العسكرية مع الوقت تحت ذريعة المقاومة وأهدافها، وبالتالي هذه الضرورة تبيح كل الوسائل لتحقيقها. رسم الحدود بصيغة دولية معترف بها تسقط حجج تنظيم «حزب الله» بعمل مؤسساتي دولي فتثبت أنه لا مكان له ولا لسلاحه في دولة يبسط الجيش فيها نفوذه.
الكل شاهد توتر زعيم تنظيم حزب الله في خطابه الأخير وهو يضطر للاعتراف بإنجازات الجيش اللبناني والقبول الشعبي العريض لها مقابل الحذر والريبة من إنجاز «حزب الله» في موقعة حربية في المنطقة نفسها لم تستحق كل ما حدث باعتراف نصر الله نفسه، وتحول حسن نصر الله في خطابه الأخير إلى داعية تطبيع (فقط) مع نظام بشار الأسد. صغر دوره وافتضح وعرف حجمه. بقي أن يدرك سائر اللبنانيين ذلك.