مايكل شيرتوف 

 من المزمع أن يتخذ الرئيس دونالد ترامب قراراً آخر خلال الشهر الجاري من شأنه أن يؤثر على آلاف الأشخاص، ألا وهو: عدد اللاجئين الذين سيحق لهم دخول الولايات المتحدة خلال العام المالي 2018. وقد قلّص الرئيس بالفعل عدد اللاجئين المقبولين خلال العام الجاري بأكثر من النصف، من زهاء 100 ألف مهاجر إلى 50 ألفاً. وبالمقارنة، كان أعلى سقف في ظل إدارة الرئيس رونالد ريجان هو 140 ألفاً. وأشار الرئيس ترامب، خلال أوامره التنفيذية وفي مقترحه للموازنة، إلى أن هذه التخفيضات ستطبق أيضاً خلال العام المقبل. وفي الحقيقة، يحاول البعض في إدارته إقناعه بإجراء مزيد من التخفيضات.

بيد أن ذلك سيكون خطأ جسيماً، فتقليص قبول اللاجئين لن يكون إخفاقاً أخلاقياً فحسب، ولكنه سيضر أيضاً بالمصلحة الوطنية والاقتصاد الأميركي.

وبالطبع، الأمن أمر لا استغناء عنه، لكن برنامج إعادة توطين اللاجئين آمن، فوكالات الأمن والمخابرات الأميركية تجري مراجعات متعددة على كل لاجئ يتقدم بطلب لجوء، ولا يتم منح اللجوء في أميركا إلا لمن تتم الموافقة على طلباتهم من قبل وزارة الأمن الداخلي.

وعلاوة على ذلك، هناك أيضاً ضرورة إنسانية، ونحن في خضم أكبر أزمة لجوء، مع وجود ما يربو على 22 مليون إنسان يبحثون عن السلامة من العنف والصراعات والاضطهاد في أرجاء العالم. والغالبية العظمى من اللاجئين، أو زهاء 90٪ منهم، تؤويهم دول فقيرة أو متوسطة الدخل. والمستضعفون من هؤلاء فقط، والذين لا يمكن الاطمئنان على سلامتهم في الدول التي يلجؤون إليها في البداية، يتم اختيارهم في برامج إعادة التوطين. وبالنسبة لأولئك اللاجئين من الأرامل واليتامى والناجيات من الاغتصاب والفارين من الاضطهاد الديني، فإن برامج إعادة توطين اللاجئين تمثل طوق نجاة.

وتستضيف الدول القريبة من بلدان الأزمات أكبر أعداد من اللاجئين في العالم، فالأردن وتركيا وباكستان وكينيا من بين أكثر الدول المستضيفة للاجئين. ورغبتها في استضافة ملايين اللاجئين تسهم بشكل كبير في الاستقرار والأمن الإقليمي، لاسيما في المناطق التي تتواجد فيها القوات الأميركية. وبينما يعمل الجيش الأميركي على احتواء التمرد في أفغانستان والعراق وسوريا والقرن الأفريقي، فإن إجبار اللاجئين على العودة إلى دول غير آمنة وغير مستقرة سيجعل مكافحة الإرهاب أكثر صعوبة.

لذلك السبب عندما هددت الحكومة الكينية في عام 2016 بإغلاق مخيم «داداب» للاجئين، وإعادة أكثر من 250 ألف صومالي قسراً إلى الصومال غير المستقر، استقل وزير الخارجية الأميركي آنذاك «جون كيري» طائرة إلى كينيا. ولذلك السبب أيضاً على الولايات المتحدة أن تشعر بالقلق من أن أكثر من 700 ألف لاجئ أفغاني مسجل وغير مسجل عادوا إلى أفغانستان منذ عام 2016، بزيادة ثلاثة أضعاف مقارنة بعددهم عام 2015، وذلك فيما يزداد انعدام الاستقرار في أفغانستان، وتجبر مكاسب الإرهابيين الولايات المتحدة على زيادات أعداد جنودها هناك.

وإذا كنا لا نرغب في قبول حصتنا العادلة، فكيف لنا أن نطلب من حلفائنا على خط الجبهة أن يبذلوا مزيداً من الجهود؟

وإلى ذلك، يمثل الحفاظ على التزامات إعادة التوطين أهمية كبيرة لعملياتنا العسكرية والدبلوماسية والمخابراتية في الخارج. فعشرات الآلاف من المواطنين العراقيين والأفغان قد عرّضوا حياتهم للخطر من أجل دعم عمليات جمع المعلومات والتخطيط والخدمات الأخرى الضرورية. وتستهدف الجماعات الإرهابية هؤلاء الأفراد لتعاونهم مع الأميركيين. وإعادة التوطين وسيلة لضمان أمنهم، وبرهان على التزام الجيش الأميركي بألا يترك أحداً خلفه في ميدان المعركة.

وفي تقليد يدعو للفخر، استخدم الرؤساء «الجمهوريون» و«الديمقراطيون» قبول اللاجئين كبادرة دعم لمن يرفضون الأيديولوجيات التي تناهض القيم الأميركية. وخلال العقود القليلة، رفعنا سقف القبول لاستيعاب الفارين من الثورات الشيوعية، والاضطهاد الديني، والطغيان.

واليوم، على الولايات المتحدة أن تقدم تأييداً ثابتاً للمسلمين الذين يعرضون حياتهم لخطر رفض الأيديولوجيات الإرهابية، وكثير منهم رفض الانضمام أو التطوع مع الجماعات المسلحة. ويعتبر تنظيم «داعش» كل من فرّ من حكمه مارقاً يستحق الإعدام.

*وزير الأمن الداخلي الأميركي السابق

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»