سمير عطا الله
هناك خبر يجب أن نفرح به جميعاً، فقط من حيث المبدأ، ومع التشديد على «إلا إذا حدث العكس». فقد أعلن أن مصالحة فلسطينية تمّت في القاهرة، لكن أحداً لا يعرف كيف ولماذا وإلى متى. لذلك، يجب أن نأمل في أن حظ القاهرة من المصالحات أفضل وأطول بقاء (وليس خطياً) من مصالحة مكة. ويجب أن نأمل في أن حظ القاهرة من المفاوضات أفضل من حظ العاصمة السنغالية داكار. فقد ذهب الإخوة الأعزاء إلى هناك، أملاً في أن يكون حرّ أفريقيا ولفح الرياح الأطلسية أكثر ملاءمة من عُقَد آسيا وتشابكات المتوسط.
يقول المثل الفرنسي: «خير أن تصل متأخراً من ألا تصل أبداً». ولكن لا العرب يعرفون ولا الأمم تعرف لماذا تتأخر المصالحات كل هذا الوقت، ثم تذوب سريعاً مثل «ملح إينو السريع الذوبان». ولا أحد يعرف لماذا تستمر حالة حوار أو اتصال بين الفلسطينيين وإسرائيل، وتتعذر، أو تحظر، بين الفلسطينيين أنفسهم.
أقول قولي هذا وأنا واثق من أن الفريقين (دوام فترة المصالحة) سوف يزعلان منا ومن سائر المشككين. ولذلك أنصحهما باعتماد أسلوب كاسح جديد يُعتمد في بلاد الشام: كلما خطر لأحد قول الحقيقة أُحيل إلى القضاء بتهمة تهبيط العزائم وتهديم المعنويات. لذلك، عليك أن تهلل للوضع الأمني في سوريا، وأن تغني للوضع الاقتصادي في لبنان، حيث يغرق «بلد الإشعاع» في الظلمة والقمامة وشح المياه والمناقصات برفع اليد. وكل من يشكو من أي علامة من علامات العصر الحجري إنما يعيق مسيرة الدولة. المسيرة الطويلة.
الغريب في خبر المصالحة أنه لم يُعط أهمية أولى في عناوين الصحف والتلفزيونات العربية، كأنما الناس لم تصدق بعد، أو كأنهم يعطون المسألة فترة تجربة، تعلماً من الفرحات والصدمات الماضية.
من قضية العرب الأولى إلى التباخل عليها بالعناوين الأولى، نتمنى للإخوة في فلسطين أن يكونوا قد عثروا في القاهرة، على مقام المصالحات الأخير.
ألم تتعبوا: بيروت، باريس، دكار؟ هل هو «رالي» الصحراء؟
التعليقات