حمود أبوطالب

من تاريخ ٢ أكتوبر إلى ١٥ نوفمبر مرت المملكة بواحدة من أشرس الحملات الإعلامية والسياسية ضدها على خلفية حادثة مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصليتها بمدينة إسطنبول، لكنها كانت تعمل بصمت متجاهلة كل ذلك الصخب المفتعل الذي تغذيه تركيا بالتسريبات وتخدمه قطر إعلاميا بأذرعتها الإعلامية المستأجرة وقناتها التي تفرغت تماما لهذا الملف مع حقنه المستمر بالخيالات والتضخيم والكذب والدسائس والسقوط المهني والأخلاقي.

يوم أمس الأول كان فاصلا في تاريخ السياسة السعودية والعدالة السعودية. خلال ٤٣ يوما فقط استطاعت النيابة والأجهزة المختصة السعودية أن تستكمل خيوط الحادثة وتفاصيلها وأشخاصها، ولو كانت الأجهزة التركية المختصة تعاونت مع الجانب السعودي كما يجب لكانت المهمة قد انتهت مبكراً، لكن تركيا حاولت تعطيل مسار العدالة بتسييس القضية ومحاولة تدويلها وتجييش الرأي العام ضد المملكة وقيادتها والتشكيك في قضائها وعدالتها.

بيان النيابة العامة يوم أمس الأول جاء ليقطع الطريق على المزايدات والتلاعب بقضية جنائية تخص المملكة وحدها. ملفات مشابهة لملف خاشقجي تم إخفاؤها تماما وقيدت ضد مجهول في كثير من الدول، أو تم التلاعب بمجرياتها لتطول حتى تدخل دائرة النسيان، يحدث هذا في دول ترخص فيها قيمة المواطن ويتم اختطاف العدالة وتطويع القوانين لصالح السياسة، لكن هذا لا يحدث في الدول المحترمة التي تحتكم إلى مبادئ أخلاقية نزيهة وشريعة عادلة وأجهزة عدلية مستقلة. المملكة أكدت منذ بداية القضية أن العدالة ستأخذ مجراها وأن جميع المتورطين سيحاسبون، وها هي تفعل.

جاء بيان النيابة يوم أمس الأول شفافيا واضحا صريحا وتضمن معلومات وافية ليست كالتي كان يهدد أردوغان أنه يملكها وسوف يصرح بها ولم يفعل أو يقدم شيئا غير التسريبات المشوشة والاتهامات الكاذبة للقيادة السياسية السعودية. كان بيانا مسؤولا لدولة مسؤولة تصر على تحقيق العدالة، وهو رد عملي بليغ على كل المزايدين والمتاجرين بقضية جنائية يراد تسييسها وتوظيفها ضد المملكة. سوف يقول القضاء كلمته قريبا ليلقم أفواه المزايدين ويخرس أصوات المرتزقة الذين ظنوا أنهم سيصيبون المملكة في مقتل.