& خالد القشطيني

&

في الحرب العظمى كان لويد جورج يقود بريطانيا وكان في معيته ونستون تشرشل، وزيراً للبحرية. ولكن العلاقة بين الزعيمين البارعين لم تكن طيبة دائماً، بل كان يشوبها الكره والنحوسية. ويعود ذلك إلى المغامرة العسكرية التي قام بها تشرشل خلال الحرب العظمى عندما كان وزيراً للبحرية، ورأى أن أفضل وسيلة لتحقيق النصر تكون في دحر الإمبراطورية العثمانية (حليفة ألمانيا) أولاً، وذلك بقصم ظهرها بإنزال عسكري قريب من الدردنيل، ومن ثم شطر تركيا إلى شطرين. تم هذا الإنزال في غاليبولي ولكنه مني بفشل ذريع واضطر الحلفاء إلى الانسحاب. حمّل لويد جورج، وزيرَ البحرية، مسؤولية هذه الكارثة. ثم أبعده عن منصبه الوزاري. وظلت العلاقات بينهما فاترة، بل ومُرة حتى عام 1926. يروي اللورد بوثبي تفاصيل ذلك في يومياته «ذكريات وتمرد» فيقول:


«في يوم من الأيام بعد أن أصبحت سكرتيراً خاصاً لتشرشل في 1926، استدعاني تشرشل وقال لي: أنا أعرف أنك صديق حميم للويد جورج. إنني منهمك الآن في كتابة الجزء الأخير من كتابي (الأزمة العالمية). هناك بعض المسائل التي يستطيع وحده أن يجيبني عنها. هل تعتقد أن بإمكانك أن تقنعه بأن يأتي لزيارتي؟ أجبته قائلاً: لا يحتاج الموضوع إلى إقناع. سيسره أن يأتي لزيارتك. ثم ذهبت إلى لويد جورج وقلت له إن ونستون يحب أن يراك. أجابني بالقول: رائع. رتب الموعد. رتبت الموعد عند الساعة السادسة من مساء اليوم التالي. وصل لويد جورج في تمام الوقت، فقدته إلى غرفة ونستون. تركتهما هناك لنحو الساعة. ثم سمعت لويد جورج يترك الغرفة من الباب الخارجي وينصرف عبر الممر. جلست لوحدي في غرفة السكرتارية. لم يحدث شيء ولم يرن الجرس لاستدعائي. بعد مرور عشر دقائق استولى عليَّ الفضول فدخلت غرفة الوزير ووجدته جالساً في كرسيه الوثير يتأمل في النار الموقدة أمامه في تلك الغرفة بنية اللون. سألته كيف جرت المقابلة؟


رفع ناظريه نحوي ثم قال: سيسرك أن تعلم بأنني لم أتوقع قط أنها ستسير بالنحو الطيب الذي سارت به فعلاً. لقد أجاب عن كل أسئلتي.
تجهم وجه تشرشل فجأة ثم أضاف قائلاً: في بحر خمس دقائق عادت العلاقة بيني وبينه إلى سابق عهدها كلياً. أقصد علاقة السيد بالخادم... هو السيد وأنا الخادم»