أحمد عبد التواب

 يتناقض بعض الإعلاميين مع أنفسهم، في غمرة حماسهم علي حثّ المواطنين علي المشارَكة في الانتخابات، فيستضيفون رجال دين ويستنطقونهم فتاوي شرعية ضد من يتخلف عن التصويت، في الوقت الذي يُشِيع فيه هؤلاء الإعلاميين أنفسهم أنهم ليبراليون أو علمانيون أو يساريون، وأنهم دعاة الدولة الحديثة والحكم المدني، ويطالبون كثيراً بفصل الدين عن الدولة وبوجوب منع الأحزاب السياسية التي تقوم علي أساس ديني، ويقولون إنهم ضد الإخوان وحلفائهم، لأنهم يخلطون الدين بالمسائل السياسية العملية التي تحتمل الاختلاف، بل يجب أن تقبل الاختلاف..إلخ! هذا مؤشر خطير علي تغلغل هذا المنطق لدي قطاعات يُفتَرَض فيها أنها صاحبة منطق مغاير مقاوِم! فهل عجز هؤلاء عن إقناع الجماهير بطرق أخري؟ وإذا قيل إنهم يخاطبون الناس بالوسيلة المنجزة، أليست هذه هي التهمة التي يوجهونها إلي الإخوان وحلفائهم أنهم يستخدمون هذه الدروشة للسيطرة علي عاطفة الناس، من باب الدجل السياسي؟ النظرة المتفحصة تري بُعداً آخر لا يقل أهمية، وهو اللغة التي يستخدمها البعض في مواجهة الإرهاب، بظن أنها تساعد العمل الحقيقي البطولي للقوات المسلحة والشرطة في العملية الشاملة التي بدأت قبل أسابيع، حيث يخطئ البعض بدعمه منطق التكفير بتكفيره التكفيريين، الذين يمثلون الخط الإرهابي الذي ابتدع تكفير المجتمع وكل من يختلف معهم! فتصير المجادلة مع الإرهابيين بمصطلحاتهم المرفوضة لخطورتها علي المجتمع! في حين أن أهم أسباب مواwجهة الإرهابيين أنهم يرفعون السلاح ضد القانون، وأنهم يغمطون بالقوة حق المواطنين في أن يمارسوا حرية الاعتقاد، التي ينصّ الدستور علي أنها مطلقة (المادة 64)، وهو معني مفتوح بقصد أن يتسع حق المواطن لأن يختار الدين الذي يقتنع به أو حتي ألا يتدين، وكل هذا في حماية الدستور، ما دام أن مُمَارِس هذه الحرية يلتزم بالقانون، فلا يرفع السلاح ولا يحضّ علي العنف ولا يعتدي علي حق الآخرين في الاعتقاد ولا يتبني خطاب الكراهية..إلخ! وأما إقناع المواطنين بالمشارَكة في الانتخابات، فيكون بالحجج السياسية التي تبين النتائج الإيجابية للمشاركة التي تحقق كذا وكذا، وأيضاً بشرح مخاطر الامتناع التي يترتب عليها كذا وكذا. ويطول الكلام في كل احتمال.