عمرو عبد السميع

على الرغم من «الزرزرة» التى يبديها جون بولتون مستشار الأمن القومى الأمريكى الجديد (الذى عينه ترامب بعد أن أقال سلفه ماكماستر) حين يقال عنه إنه من المحافظين الجدد، فإن الواقع يقول إن بولتون كان أحد الأضلاع الثلاثة مع ريتشارد بيرل، وبول وولفويتس فى تشكيل مثلث قوى للمحافظين الجدد بإدارة جورج دبليو بوش، وبالذات تحت رعاية نائب الرئيس وقتها ديك تشينى، وقد أنفقت أطنانا من الحبر والورق فى الكتابة عن هذه الأسماء عبر سنوات طويلة تخللها مؤامرة غزو العراق عام 2003.. جون بولتون قطب لا شك فى انتمائه إلى المحافظين الجدد، ومن خلال ترشيحه للعمل فى إدارة ضبط التسلح فى وزارة الخارجية الأمريكية، أو شغله كمندوب دائم للولايات المتحدة الأمريكية فى المنظمة الدولية، قام بأكبر الأدوار تطرفا فى خدمة ما يمكن تسميته عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية،

ودائما يدفع نحو استخدام القوة، وهو ما يبدو هاجسا يتلبس الإدارة الأمريكية الآن سواء تجاه إيران أو كوريا الشمالية، واستخدام القوة لا يعنى الاستعمال المادى لهذه القوة، ولكنه يعنى أيضا الضغط على الخصوم بالتلويح باستخدام القوة، وهذا ما يحدث مع إيران الآن قبل موعد مد العمل بالاتفاق النووى، كما يحدث مع كوريا الشمالية قبل اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكى والكورى الشمالى، وربما كان هدف ترامب من تعيين بولتون هو تغليب التطرف فى تشكيل القرار السياسى للتفاوض حول مواقف واشنطن سواء إزاء طهران أو بيونج يانج، إعادة تسكين عناصر لا شك بانتمائها للمحافظين الجدد فى جسم الإدارة الأمريكية هو متغير خطير، فهؤلاء ليسوا أفرادا، ولكنهم كيانات ومؤسسات مثل ارتباط بولتون العضوى بالكثير من جماعات المحافظين الجدد مثل (مشروع القرن الأمريكي) و(المعهد اليهودى للأمن القومى الأمريكي)، وتلك الكيانات تتبنى من العقائد والأفكار ما يتعارض حرفيا مع استقلال بلاد الشرق الأوسط وينكر حقوقها فى ثرواتها، ويبعث العديد من الأساطير الدينية القديمة كيما تصبح ذريعة للتدخل وفرض الوصاية الأمريكية أو اليهودية عليها..

وجود هذا اللون من الفكر فى الإدارة الأمريكية خطر كبير علينا وعلى مقدراتنا وإعلان بسيطرة لون من الفكر السياسى المختل وشديد التطرف على مجريات الأمور فى أكبر دولة بالعالم.