نوزاد حــســن
يوم السبت الماضي 30 حزيران فشل مجلس النواب في التمديد لنفسه بعد حضور 127 نائبا.وفي الساعة الثانية بعد الظهر انتهى عمر مجلس النواب،ودخل البلد في فراغ دستوري بمعنى انني الان اعيش بلا برلمان يشرع ويقر القوانين.انا الان اعيش في ظل حكومة تصريف اعمال تسير اموري وامور غيري.واتمنى ان تتحقق نبوءة احد المسؤولين الذي اشار الى ان اسبوعا واحدا يكفي لانتهاء عملية العد والفرز.وهذا يعني ان فجر البرلمان القادم قريب.
اذن سانتظر بفارغ الصبر عودة الامور الى مجاريها.البرلمان وهو ينتخب رئيسا له ونائبين،واداء القسم،وكل التفاصيل الاخرى.
على المستوى الشعبي مثلا لا المح عند اصدقائي ومن اعمل معهم في الدائرة ذلك الشعور المزعج الذي اعيشه لاني الان بلا برلمان.الاخرون ينتظرون تشكيل الحكومة.وما يشغلهم اكثر حديث التعيينات وزيادة الرواتب.اما انا فمهموم لانني اسير ومعي هاجس واحد هو ذلك الفراغ الهائل الذي يبلعني عمقه اللامحدود.
اثارني في الحقيقة منظر بقال نشيط وهو يصرخ لجذب المشترين امثالي وتساءلت:هل يفكر مثلي بالفراغ الدستوري.؟ شاب نشيط خلي البال تماما من هم السياسة لان العمل،ومسؤولية العائلة صارت شغله الشاغل.اما انا فلدي طقس اخر لا تتوقف اعاصيره اليومية.
اذن هويتي انني محاط بكتلة فراغ بلا حدود.وحيدا ادور فيها،ويراني الاخرون ويستغربون ان تؤثر بي كلمتان اثنان.
انا ودعوني اعترف تلميذ مهذب جدا لاستاذ اسمه الرصافي.ولو كان الرصافي حيا اليوم لكان موقفه اشد من موقفي.ولان الرصافي صاحب مزاج ملتهب ويسكر من الكاس الاولى كما قال هو نفسه في احدى قصائد فلا اظنه سيكون اسعد حالا مني انا المواطن الذي اعلن يوم السبت الماضي انتهاء الفصل التشريعي الثالث،وعلي ان انتظر اياما وليالي حتى اجد نفسي امام ذاتي غير المتمزقة.
في الواقع قادتني تداعيات ما بعد العملية الانتخابية الى تذكر قصيدة الرصافي عن الدستور.وفي هذه القصيدة كان الرصافي ساخرا ايضا.واعجبني انه وصف دستور ايامه بانه "المسعد المشقي".لكن ماذا كان يعني الرصافي بان الدستور هو "المسعد المشقي"يقصد ان الدستور كان شقاء بالنسبة للعراقيين.وانه كان مسعدا للذين في السلطة لانهم يحصلون على امتيازات لا يحصل عليها عموم الشعب.
لن اصف دستورنا كما وصف الرصافي دستور زمانه فهذه قضية لا تعني لي شيئا.لكني اتحدث هنا عن مزاج خاص ملتهب بنار القلق لان البلد يمر بازمات متتالية.الى اي حد يستطع هذا الكائن المرتبط بارضه ارتباط نبتة طرية ان يتحمل هذا القلق الذي يسببه وضع سياسي معقد ومتداخل.ومن هذه النقطة بالذات اكتشفت انني لا انسى اي تهديد او مشكلة تحصل هنا وهناك.مع الوقت كنت اظن باني ازيح معاناة وطني بعيدا لكني كنت اجمعها كباقة فاذا بي احس بالاغتراب الذي لا يهدأ.
التعليقات