زياد الدريس&

يحتفل الإيرانيون، وأشباه الإيرانيين، بمرور أربعين عاماً على قيام (الثورة الإسلامية) في إيران عام ١٩٧٩م. (من الإنصاف أن نذكّر بأن فصيلاً صغيراً، لكنه يكبر، من الإيرانيين لا يعدّون تلك الثورة ثورتهم ولا يحتفلون بها).


يقول (الخميني الصغير) حسن نصر الله، في خطابه الاحتفالي بهذه المناسبة: «مع الإمام الخميني، مع انتصار الثورة الإسلامية، منذ ذلك الوقت نحن دخلنا زمن الانتصارات ... انتصارات الأمة».

نحن بالطبع لا نستطيع أن نتعرف على (الانتصارات) التي حققتها الثورة إلا إذا حدّدنا (الأمة) التي يقصدها نصر الله! هل هو يقصد الأمة العربية، بوصفه العربي؟ أم الأمة الإسلامية، وهو المسلم؟ أم هو معنيّ بأمّة أخرى تشكّلت من إحدى هُويّاته الصغرى، وَإِنْ تحولت لاحقاً عنده إلى هوية كبرى؟!

الطريقة الوحيدة لكشف مقاصد السيد حسن نصر الله هي من خلال تقييم ما أحدثته الثورة الإيرانية خلال الأربعة عقود الماضية على كافة النطاقات. وقد قمت بمحاولة ذلك في مقالة مطولة نشرت هنا (العالم بعد الثورة الإسلامية الإيرانية: كشف حساب، صحيفة الحياة ٣ أغسطس ٢٠١٦)، سأستعيد هنا مفاتيحها فقط لمن أراد التوسع بالرجوع إليها:

انقسم الناس من حولي، في ذلك اليوم من العام 1979، إلى ثلاثة أقسام: فئة طبّلت لانتصار الثورة الإيرانية الإسلامية، وأنها ستكون منعطفاً في حلول مشكلات العالم الإسلامي، خصوصاً في محورين هما: خلق التوازن الإسلامي مع الغرب، وتحقيق آمال العرب بتحرير فلسطين. فئة أخرى قرعت طبول الحرب في التحذير من المدّ القادم، سواء من حيث منطلقاته القومية (الفارسية) أو المذهبية (الشيعية).

الفئة الثالثة لم تطبّل للخميني ولم تقرع طبول الحرب منه، بل اعتبرت أن الحدث لا يستحق كل هذا التهويل، المتفائل أو المتشائم، فالمسألة لا تعدو أن تكون انقلاباً أسقط زعيم دولة وجاء بزعيم بديل، كما حدث في بلدان مجاورة كثيرة.

والآن، بعد مرور ٤٠ عاماً على الثورة الإيرانية، كيف يمكن تقويم دقّة وصوابية تلك المواقف الثلاثة؟

أما الفئة الثالثة التي ظنت أن الثورة ستكون حدثاً انقلابياً عابراً، فهي بلا شك خارج حسبة التقويم الآن، إذ لا حاجة لإثبات خطأ توقعاتها الهادئة حينذاك!

سيبقى التقويم والفحص مشروعاً بين فئة التبشير وفئة التحذير.

الطريقة الوحيدة لفحص دقّة الموقفَين هي من خلال القيام بما يشبه «جَرْدة حساب» للأعمال التي أحدثتها الثورة الإسلامية الإيرانية في إيران، وفي العالم العربي، وفي العالم الإسلامي، وفي العالم في شكل شامل:

هل أصبحت إيران الخميني أكثر تقدماً وتنميةً واستقراراً من إيران الشاه؟

هل تحررت فلسطين، كما كانت تخدعنا خطابات الثورة الإيرانية بالوعود؟

هل كانت شعوب العالم، قبل الثورة الإيرانية، تعرف من الإسلام غير الإسلام فقط، ثم أصبحت بعد الثورة «الإسلامية» تعرف إسلامين اثنين أو أكثر؟

وفي سؤال ختامي موجز:

بعد مرور أربعة عقود على قيامها وبمراجعة أفعالها و «إنجازاتها»، هل الثورة الإسلامية الإيرانية خدمت الإسلام أم إيران؟ أم لم تخدم أيّاً منهما، بل خدمت شيئاً آخر!

&