& زاهي حواس

&

لا يزال موضوع قوم عاد وثمود يمثل لغزاً لعلماء الآثار؛ لذا يحاول كثير من العلماء، خصوصاً من العرب، أن يربطوا بين كثير من المواقع التي تقع في جبال الجزيرة وقوم عاد وثمود. وقد عثرنا على بعض المواقع في جنوب اليمن عندما عملت خبيراً للجامعة العربية. وقد سجلت على أعالي الجبال كثيراً من الكتابات الثمودية التي لم تُسجل من قبل. وعثرنا عليها على صخور وجبال عاتية.

وحاول كثير من العلماء أن يربطوا الجبال الضخمة بما ذُكر في القرآن الكريم. وهناك دراسة تمت في هذا الموضوع. واستطعت أن استخلص منها الرأي الذي يقول إن هناك «عاداً» الثانية استناداً إلى قول الله سبحانه وتعالى في سورة النجم الآية 50 «وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولى». وتشير الدراسة إلى أن قوم ثمود خلفاء لقوم هود عليه السلام. وربما سُمي هؤلاء القوم باسم ثمود نسبة إلى الجد «ثمود بن عابر»، في حين يرى البعض الآخر أنها سُميت بهذا الاسم لقلة وجود الماء في أراضيها، فإذا قيل «ثمد الماء ثمداً» أي قل الماء. وقد ترك لنا أهل ثمود نقوشاً قصيرة تدل على معرفتهم بالتجارة. وقد عثر على هذه النقوش في أماكن كثيرة. وهذا قد يشير إلى فترة اتصالاتهم التجارية.
ويعتقد بعض العلماء الذين نشروا هذه الدراسة أن قبيلة ثمود كانت تسكن بـ«الحجر». وهو مكان يقع بين بلاد الحجاز والشام، ويوجد الآن في المنطقة التي بين الحجاز وشرق الأردن. والحجر أساساً كلمة تُطلق على كل مكان أحاطت به الحجارة. وقد كان قوم ثمود قبائل متعددة، ولم يكونوا دولة مستقرة؛ لأن كل من كان يعيش في هذه المناطق في ذلك الوقت، كان عبارة عن قبائل مستقلة بعضها عن بعض تماماً؛ لذا يرى البعض أن المكان الذي عاش فيه قوم أو قبيلة ثمود هي مدائن صالح بالسعودية لارتباط اسمها باسم النبي صالح وكثرة آثارها المنحوتة في الجبال. ولكن البعض الآخر يرى أن قوم ثمود عاشوا في بلدة «الخريبة» التي تقع على بعد نحو 15 كلم من مدائن صالح.&

كما تناولت هذه الدراسة أن رسالة صالح إلى قومه، مثله مثل بقية الرسل، تدعو لعبادة الله وحده لا شريك له، ولكن دون جدوى؛ إذ أصر قومه على موقفهم من الكفر؛ لذا أخذ الله سبحانه وتعالى يعذبهم، حيث أرسل عليها صاعقة أهلكتهم جميعاً إلا من آمن منهم بدعوة سيدنا صالح.
وقد ذهبت لزيارة مدائن صالح مرتين. وفي آخر مرة كنت مع صديقي الدكتور خالد العناني وزير الآثار المصري، ولينا عناب وزيرة السياحة الأردنية السابقة. وقد تناقشنا في شكل المقابر المنحوتة بجمال غير عادي على قمة الجبال. وتصورنا مثلاً أن هذا العمل قد يكون مرتبطاً بقبيلة ثمود. وعموماً فما زلت حذراً في ربط ما كُتب في القرآن الكريم وبعض المواقع الأثرية أو بعض الشعوب التي عاشت في هذه المناطق، لكني وجدت أن هناك ضرورة لأن أعرض ما كتبه الأثريون والمؤرخون العرب في هذا الموضوع. ولم أعتمد على مصدر واحد، بل رجعت إلى كثير من المصادر.