& &نعمت أبو الصوف

&

تدرس "أوبك" وحلفاؤها من خارج المنظمة زيادة الإنتاج في النصف الثاني من عام 2019، حيث تتشدد أسواق النفط بعد سلسلة من الانقطاعات الكبيرة. اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية المشتركة للمجموعة في الـ 19 من الشهر الجاري في مدينة جدة لتقييم حالة أسواق النفط ومناقشة خطط المجموعة لبقية العام. يأتي هذا الاجتماع الفني قبل اجتماع حزيران (يونيو) المرتقب في فيينا، حيث من المتوقع أن يضع التحالف اللمسات الأخيرة على خططه.
مع ذلك، في اجتماع جدة درست "أوبك" وشركاؤها بعض السيناريوهات. وبحسب ما ورد، تريد السعودية ودول أخرى داخل "أوبك" الاحتفاظ بالتخفيضات، في حين أن روسيا حريصة أكثر على تخفيف القيود. ووفقا لبعض المصادر، تبحث المنظمة وروسيا خيارين، كلاهما يتضمن زيادة الإنتاج. يتمثل الخيار الأول في خفض التخفيضات المتفق عليها والبالغة 1.2 مليون برميل يوميا إلى 0.9 مليون برميل في اليوم فقط.
الخيار الثاني يدعو إلى إنهاء الإفراط في الامتثال والتقييد بـ1.2 مليون برميل في اليوم. تخفيضات المملكة الأكثر من المقرر، وانقطاعات الإمدادات "غير الطوعية" في إيران وفنزويلا، يمكن تعويضها بمزيد من الإنتاج من أماكن أخرى. إذا ما نفذت، ستترجم هذه الخطة إلى زيادة في الإنتاج تبلغ نحو 0.8 مليون برميل في اليوم تقريبا.

على الرغم من أن الخيار الثاني قد يؤدي إلى زيادة المعروض في السوق، إلا أنه سيظل رسميا يحافظ على مستوى 1.2 مليون برميل في اليوم، وهو ما لا تريد "أوبك" تغييره. تردد عدد من كبار المنتجين من دول الخليج حول اقتراح خفض التخفيضات من 1.2 إلى 0.9 مليون برميل في اليوم. إنهم يفضلون على ذلك إنهاء الإفراط في الامتثال.
بعد إمعان التفكير في الأمر، نلاحظ أن الاختلافات في الرأي بين روسيا والسعودية منطقية. تفضل السعودية الإبقاء على التخفيضات، ولكن إذا كان عليها الموافقة على التغيير، فإنها تفضل الخطة التي تدعو إلى الحد من الإفراط في الامتثال. هذا منطقي لأن السعودية هي الدولة التي أفرطت في الالتزام؛ الموافقة على هذا الخيار سيسمح لها بزيادة الإنتاج. في حين تريد روسيا، بدلا من ذلك، خفض التخفيضات الإجمالية من 1.2 إلى 0.9 مليون برميل في اليوم، ما يفترض أنه سيوفر لهم مساحة أكبر لرفع الإنتاج. ولكن من المؤكد أن المجموعة لم توافق على أي شيء حتى الآن. الشيء الواضح الذي يجب فعله

في هذه المرحلة هو الانتظار لمدة شهر آخر قبل اتخاذ أي إجراء. في هذا الجانب قال وزير الطاقة السعودي "من الأهمية بمكان ألا نتخذ قرارات متسرعة - بالنظر إلى أن البيانات متضاربة، الأمور معقدة، الأوضاع تتطور". بالفعل، آفاق أسواق النفط "ضبابية للغاية" في الوقت الحاضر، بالنظر إلى ضعف الطلب وأيضا التهديدات على جانب العرض.
لقد ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 30 في المائة هذا العام، ما يدل على أن التخفيضات نجحت في تشدد الأسواق. ولكن هناك نوعان من التحديات: انقطاع الإمدادات، واحتمال حدوث تباطؤ اقتصادي. لقد أدت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران وفنزويلا إلى اضطرابات شديدة في تلك الدول، ولم يعد النزاع العسكري مستبعدا. لذلك احتمال ارتفاع الأسعار حقيقي. ومع ذلك، فإن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تضخم التباطؤ الاقتصادي الذي كان يحدث بالفعل. راهن المضاربون على مزيد من الاتجاه الهبوطي، حيث قاموا ببيع المراكز الطويلة في أحدث إصدار للبيانات، في إشارة إلى التشاؤم المتزايد حول الاقتصاد العالمي.
وفي الوقت نفسه، فإن بعض البيانات مربكة. تقلصت المخزونات بحدة، لكنها لم تتحرك كثيرا في الأشهر الأخيرة. وفي الولايات المتحدة، زادت المخزونات بالفعل. من الواضح أن هذه البيانات تقلق "أوبك"، التي تخشى حدوث انهيار آخر في الأسعار إذا وافقت على زيادة الإنتاج.
مع ذلك، هناك مؤشرات أخرى أكثر صعودية. منحنى العقود الآجلة لخام برنت في حالة حادة من التراجع Backwardation، بمعنى أن أسعار الشهر الفوري أعلى من أسعار الأشهر اللاحقة، في حين أن الأسواق الفورية تبدو متشددة مع ارتفاع بعض أسعار نفوط الإشارة وسط تشدد العرض. هناك استنتاج واحد فقط: وهو أن السوق الفورية تعاني نقصا في الإمدادات. مع الوضع الحالي للعرض والطلب، يجب أن تستمر الأسعار الفورية في القوة حتى يتأثر الطلب.

في هذا الصدد، قال وزير الطاقة السعودي للصحافيين على هامش اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة إن هناك مزيدا من العمل الذي يتعين القيام به. "في النصف الثاني هذا، نفضل الحفاظ على إدارة الإنتاج لإبقاء المخزونات في طريقها إلى الانخفاض تدريجيا، بهدوء ولكن بالتأكيد الانخفاض نحو المستويات الطبيعية". وأضاف أن السعودية "لا تنخدع" بأسعار النفط عند 70 دولارا للبرميل، حيث لا نزال نرى ضعفا في السوق.
حتى روسيا بدأت تشير إلى أن زيادة الإنتاج كانت متوقفة على الطلب القوي. في هذا الجانب أيضا، قال وزير الطاقة الروسي للصحافيين "اليوم، نحن ندرس خيارات مختلفة "للنصف الثاني من عام 2019" بما في ذلك تخفيف مستويات الإنتاج". وقال "إذا كان هناك نمو في الطلب، فنحن مستعدون للنظر في تلك المعايير وتخفيفها، من خلال انتعاش جزئي للإنتاج".
والنتيجة النهائية أنه في الوقت الذي تدرس فيه "أوبك" وحلفاؤها بعض الخيارات لزيادة الإنتاج في النصف الثاني من عام 2019، ستكون المجموعة أكثر ترددا في فعل ذلك بسبب المخاوف من تكرار ما حدث في عام 2018 عندما انهارت الأسعار.