&منير أديب&&

ما كشفه عضو مجلس شورى جماعة "الإخوان المسلمين" أمير بسام، مِن وجود اختلاسات وسرقات من أعلى قيادة في التنظيم الدولي للجماعة ومقره لندن، يدل على أزمة تنفي فكرة النقاء والطهارة التي تدعيها.


اختلس أمراء تنظيم "الإخوان" أموال الهبات والصدقات، ما يؤكد ضعف المؤسسات الرقابية أو المحاسبية داخل التنظيمات المتطرفة، التي تترك "الشريف" إذا سرق بينما تقيم الحد على عضو الجماعة إذا ارتكب الجريمة ذاتها، وتستشهد بطهارة زائفة.

ويمكن قراءة واقعة الاختلاس التي أشار إليها عضو مجلس شورى الجماعة، من زاويتين، إحداهما ترتبط بما أشار إليه أمير بسام، عندما قال: "إن قيادات الإخوان المسلمين لم تأخذ قراراً ولم تعترض على اعتراف أمراء التنظيم بوقائع الاختلاس والسرقة"، وهذا يدل على عقلية أعضاء التنظيم التي تربت على الخنوع الشديد والحرج من توجيه أي قدح لمن يتولون شأنه. الزاوية الأخرى ترتبط برد "الجماعة" السريع على اتهامات بسام والذي انطوى على نفيها والإعلان في الوقت ذاته عن تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر! ووجَّهت الجماعة إلى بسّام رصاصات الاغتيال المعنوي، بما أنه أذاع ما لا ينبغي أن يذاع.

تعيش حركة "الإخوان المسلمين" على مثل هذه الممارسات وربما تجد نفسها وسطها مدعية المظلومية وتحاول أن تثبت لأعضائها مدى ما تتعرض له من أذى؛ لإثبات عبثية الطريق الذي رسمته لهم. الجماعة تقبل أي تجاوزات أخلاقية غير أنها لا تقبل أي انتقادات للفكرة، فهي بالنسبة لها خطاً أحمر. حوادث الاختلاس والسرقة داخل تنظيم "الإخوان" كثيرة، ولكن "الجماعة" تفرض ستاراً يمنع تسريب أي معلومات في شأنها، ولكن الجديد في الواقعة الأخيرة هو أن قيادياً فيها قرر فضح زملاء له استحلوا أموالاً مخصصة لإعانة الفقراء.

وهكذا نجد أن صورة "الإخوان المسلمين" الظاهرة لا تدل على حقيقة عدم تورع قياداتهم عن سرقة أموال الهبات والصدقات. وهنا تبدو الأزمة الحقيقية في أن هذه التنظيمات تتكاثر وتبدو مبهرة للبعض ويبدو خصومها فاشلين في مواجهتها وتفكيك أفكارها لسبب يرتبط بفشل هؤلاء الخصوم في قراءتها قراءة صحيحة وبالتالي مواجهتها بالشكل الصحيح. فإذا كانت "الجماعة" سرقت الدين وأخرجت النصوص الدينية من سياقها خدمة لأهوائها وحرَّفت الكلم عن معانيه، فما يضير أمام هذا القول إن قادتها سرقوا أموال الهبات والصدقات ووضعوها في حساباتهم البنكية الخاصة؟

&