&مازن السديري

داري اللي سعدها تو ما جاها

عقب ماهي ذليلة جا لها هيبة

هذا بيت شعر بعد أن نادى المنادي إن الملك لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن يوم فتح الرياض، فعلماء الاجتماع يرون أن القصائد والفن هي خير من يؤرخ أحداث التاريخ وتلك القصيدة كانت تعكس فرحة الأهالي يوم دخول الرياض وبداية ملحمة عظيمة امتدت لثلاثة عقود حتى توحدت أركان المملكة، ولكن تحديات المملكة لم تنتهِ فقد واجه الملك عبدالعزيز تحديات اقتصادية وسياسية امتدت حتى آخر عهده لكنه جابهها بالعقلانية لتأسيس دولة عصرية.

فبالرغم من اكتشاف النفط في عهد المؤسس إلا أنه صادف بداية الحرب العالمية الثانية حيث ظلت الكميات المنتجة محدودة حتى العام 45 م، وفي سنوات حكمه الأخيرة رحمه الله بدأت صفحة أخرى من الاضطرابات في المنطقة وبدأ المد الثوري المدعوم من الاتحاد السوفييتي القيام بثورات في المنطقة (ثورة مصدق عام 50) و(ثورة يوليو عام 52) وسلسلة انقلابات عسكرية في العراق وسورية سببها صراع بين القوى الشيوعية والقومية داخل الجيش وأصبحت إذاعات العواصم العربية تتعرض للمملكة بشكل تأليبي في وقت المملكة لم تكن لديها خبرة لإدارة إيرادات الثروة النفطية حيث جاء عجز عام 59 بعد طفرة نفطية محدودة نتج عنها انهيار سعر صرف الريال حتى بلغ سعر الدولار أكثر من 6 ريالات سعودية فقامت المملكة مباشرة بإعادة بناء مؤسسة النقد وبناء النظام النقدي، وفي سنوات قليلة تمت إعادة صرف سعر الريال وإعادة هيكلة النظام البنكي وإلى اليوم أصبح خامس أكبر نظام بالعالم.

ظلت مدرسة عبدالعزيز توجه المملكة عبر سياسة المراحل والتدرج والواقعية فقامت المملكة بسعودة شركة أرامكو في مرحلة امتدت لعقود حتى اكتملت ملكيتها وسعودتها بشكل متوازن في الثمانينات الميلادية، ثم بدأت مرحلة جديدة بظهور الصناعة البيتروكيميائية والتي استدعت عقوداً حتى أصبحت سابك الشركة الرابعة عالمياً ومضت المملكة في عملاق ثالث في صناعة المعادن، هذه المؤسسات الضخمة ما كانت لتتكون وتستقر لولا وجود نظام سياسي يحرص على التنمية والتطور.

برغم هذه التنمية من مؤسسات عملاقة وقاعدة بنكية صلبة وبنية تحتية في مجال الاتصالات والطاقة هي الأكبر في المنطقة فقد مرت على المملكة أعاصير محيطة من ثورات في الستينات وإذاعات تتعرض للمملكة وثورات متكررة في الجمهوريات العربية القريبة ولحق ذلك وصول نظام ثيروقراطي في إيران وانفجار الحرب العراقية الإيرانية ثم غزو الكويت وأحداث 11 سبتمبر وظهور الإرهاب إلى الربيع العربي كل هذا لم يحيد المملكة عن تنميتها ومواكبة الركب العالمي وجمع الصف العربي وهي إلى اليوم تؤكد وفاءها لدورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، واليوم المملكة تمضي لمستقبل التنوع الاقتصادي والتحول الكبير في العالم تقنياً وثقافياً بكل عزيمة وإصرار.

ومن ينظر إلى حكمة الملك سلمان ورؤية سمو ولي عهده عليه أن يتذكر دائماً مدرسة عبدالعزيز التي تخرج الكبار دائماً.