مازن السديري

&عام 96م أمضيت أمسية في مقهى Starbucks الموجود في ضاحية نيوتن بجوار مدينة بوسطن، كان المقهى يستضيف فرقة موسيقية من شباب الحي يغنون البوم (till i die) لمطرب الروك الكندي (Bryan Adams) كلمات الأغاني كانت تعكس معاني ومشاعر إنسانية رقيقة في عبارات جميلة وموسيقى أخاذة، ظلت تلك الليلة خالدة في ذهني في ذلك المقهى الشهير بالقهوة، هل يحدث مثل ذلك في المملكة كنت أظن انه مستحيل.

مرت السنوات ومضت المملكة نحو التجديد والانفتاح والأجيال الشابة التي يتجاوز عددها نصف المواطنين استقبلت هذا التغير بكل سعادة خصوصاً أن ثقافات العالم تتواصل وتتقارب بفضل تطور التقنية، مواقع التواصل الاجتماعي، تطور الإعلام الرقمي من مسلسلات وأفلام مثل Netflix، محركات البحث من معلومات وصور، لكن المشكلة الكبيرة هي عندما يسطر التفكير غير العقلاني والذي ممكن أن يصدر من أذكى الناس وأكثرهم ثقافة ضد هذا التغير ومواجهته بالرفض برغم أن صاحب هذا التفكير هو أكثر من اشتكى وعانى منذ سنوات الانغلاق.

أسباب التفكير غير العقلاني كثيرة ومن أهمها الخوف، عندما تسيطر المخاوف على العقل المتعلم والمنفتح تصبح نظرته للأمور ليست في إطار التحليل والتفكير بل الشك والريبة، وللأسف أي تفكير قائم على المخاوف فهو يحرم صاحبه من التطور والتغير، يحرم صاحبه من التجديد والانطلاق، واتخاذ القرار، من يخاف الخسارة لا يدخل التجارة ومن لا يثق في نفسه وقدرته يقف أسير الجهل ويكون فرداً من قطيع.

البعض يسأل بتهكم: هل الحفلات والانفتاح وجذب السياح هي التي سوف تنقلنا لمصاف العالم المتقدم؟ الجواب انظر للأمور بأفق واسع، النهضة والحضارة هي نتيجة عدة مدخلات من أهمها الإبداع والابتكار في بيئة منفتحة للفن والثقافة ولكل ما هو غريب ومختلف من فكر وثقافات، انظر لكبرى الدول الصناعية التي تغزو منتجاتها أسواق العالم بعلاماتها التجارية المبتكرة كلها دول راج وازدهر فيها الفن بكل أشكاله وأنواعه وتعزز فيها الثقافة والحوار وهي أكثر الدول فوزًا بالمسابقات الرياضية.

هذه البيئة الجديدة التي تتشكل الآن في المملكة بمشاركة المرأة بدأت تخلق بيننا طاقة إيجابية وتنافسية أكثر تنوعاً ومتعة، هذه الأرض خرجت عبقرية اللغة العربية، وكانت فيروز قبل كل المسارح أولى أن تغني بجوار صخرة (حصاة النصلة) التي كان عنترة يلقى عبلة بجوارها ويسمعها أبياته التي غنتها فيروز: ولقد ذكرت والرماح نواهل..