عبدالله بن بخيت

&حزب الله نتيجة وليس سبباً، نبتة حزب الله لا يمكن أن تنمو وتزدهر في تربة نظيفة،&عندما يختفي الازدهار والأمل والبناء تبدأ الأرض بالملوحة.

عندما قام عبدالله السلال بانقلابه في اليمن في الستينات عقد الناس آمالاً واسعة بنقلة نوعية في اليمن تخرجه من خزعبلات الماضي إلى العصر الجديد. إلى البناء والحداثة والعدالة وإماتة التعصب القبلي والانقسام الطائفي، ولكن ما حدث هو العكس، بعد ستين سنة ظهر على السطح الحوثي. فالحوثي لم يبدأ من لحظة تدخل إيران في الشؤون اليمنية، إرهاصات الحوثي تخلقت قبل أن يعتلي الخميني عرش إيران بسنوات. الحكومات التي توالت على اليمن لم تفكر في الإنسان، جرعته مجموعة من الشعارات الفارغة: مرة ثورية ومرة اشتراكية ومرة بعثية وقومية وإسلامية وعروبية. كان الإعلام اليمني والزعامات في اليمن يملؤون الفضاء بهذه الشعارات والمجتمع اليمني ينحدر في اتجاه آخر، كأننا فوجئنا بأن ظهر في اليمن حزب الإخوان والحوثي والمتطرفون السلفيون والقاعدة أيضاً، تحول اليمن إلى حفلة تصخب بأحلام ميتافيزيقية مستوردة.

ما وصل إليه اليمن سبقه عليه لبنان بسنوات، قضى لبنان خمس عشرة سنة من تاريخه يقتل الأخ أخاه ويقتل الجار جاره ولا يميز الموت بين الرجل والمرأة ولا بين الطفل والبالغ ولا بين المسالم والمقاتل، قتل بالهوية، كان لبنان يدار بنفس الشعارات التي أدارت اليمن منذ الانقلاب السلالي،&ثورية عروبة بعثية قومية. امتلأ لبنان بالأحزاب فتكشفت في النهاية أن زعماء الأحزاب الحديثة ليسوا سوى ملوك طوائف، وأن الحرية الاجتماعية التي يمارسها اللبناني ليس لأن لبنان يؤمن بالحرية ولكن لأن لبنان كان بلا هوية شاملة، أصبح كل شارع في لبنان يتمتع بهوية تختلف عن الشارع المقابل له، سترى في شارع امرأة محجبة بحجاب أسود كالليل البهيم، وفي الشارع المقابل امرأة تسير بملابس تخجل من ارتدائها المرأة في السويد، لا توجد رؤية اجتماعية مشتركة، القانون المعمول به في لبنان هو قانون الطوائف، كل طائفة تتصرف كأنها في دولة مستقلة ولكن بأسماء حداثية، حزب كذا وحزب كذا وفي النهاية نجد أمامنا محاصصة تأسست في القرون الوسطى.

قبل يومين تحدث نصر الله كأنه حاكم لبنان وهو حاكمها بالفعل، سلطة السلاح أقوى من سلطة القانون أو أي سلطة أخرى.

حزب الله لم ينبت فجأة والحوثي كذلك، هؤلاء ثمرة تكريس الطائفية والثيوقراطية التي يحكم خلفها قانون الطوائف، الفساد في لبنان هو فساد ديني وليس فساداً اقتصادياً، الدخل القومي والقروض يتم توزيعها على العقداء بعد أن يقتطع منها مبلغ زهيد يكفي لتشغيل ماكنة الشعب لتنتج مزيداً من المال لإثراء ملوك الطوائف.