نعمت أبو الصوف

إنها بداية عام جديد وعقد جديد، وأسواق النفط لا يمكن التنبؤ بها كما كان دائما. هل ستقوم "أوبك" وحلفاؤها بتمديد تخفيضاتها؟ هل أخيرا سيتوقف نمو النفط الصخري الأمريكي؟ هل هذا هو "عام السيارة الكهربائية"؟ بالفعل، هناك عديد من الوقائع التي تجب مراقبتها من كثب في عام 2020.

الديون المترتبة على شركات النفط الصخري وتباطؤ نموه:
الديون التي أسهمت في طفرة النفط الصخري يجب أن تسدد. منذ عام 2015 أعلنت نحو 200 شركة من شركات النفط والغاز في أمريكا الشمالية إفلاسها، لكن الديون المتراكمة منذ بضعة أعوام أصبح لازما تسديدها. ما يقرب من 41 مليار دولار من الديون تستحق على شركات النفط والغاز الأمريكية في عام 2020، ما ينبئ بإعلان مزيد من حالات الإفلاس هذا العام. موجة الديون هذه قد تجبر الشركات أيضا على التراجع عن طلب مزيد من النقد لسداد الدائنين.
عام السيارة الكهربائية:
يقول بعض المحللين إن عام 2020 سيكون عام السيارة الكهربائية بسبب عشرات النماذج الجديدة من السيارات الكهربائية التي من المقرر أن تصل إلى السوق. في أوروبا، سترتفع نماذج السيارات الكهربائية المتاحة من 100 إلى 175. لقد تباطأت وتيرة مبيعات المركبات الكهربائية في نهاية العام الماضي، لكن سوق السيارات العالمية بالكامل تقلصت. قد تتعثر المركبات الكهربائية في الحفاظ على وتيرة النمو الكبيرة، لكنها ستستحوذ على جزء متزايد من حصة سوق السيارات العالمية.
تغير المناخ:
بدأ عام 2020 بحرائق الغابات الأسترالية الخارجة عن السيطرة. كان عام 2019 واحدا من أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، وكان العقد الماضي أحر عقد على الإطلاق. مع ارتفاع درجات الحرارة وتضاعف الكوارث، سيستمر الضغط على صناعة النفط والغاز. كما تشير "بلومبيرج" إلى أن تغير المناخ ارتفع كنقطة قلق للشركات المدرجة في البورصة. تراهن شركات النفط ضد إجراءات المناخ، لكنها تدرك بالتأكيد مخاطر الاستثمار المتزايدة. في الشهرين الماضيين، أنهى بنك الاستثمار الأوروبي تمويل مشاريع النفط، الغاز والفحم، كما قام بنك جولدمان ساكس بقطع التمويل عن الفحم والتنقيب في القطب الشمالي. من المتوقع إعلان مزيد من هذه الإجراءات.
قواعد المنظمة البحرية الدولية الجديدة IMO:
تنص القواعد الجديدة على قيام السفن باستخدام زيت وقود يحوي 0.5 في المائة فقط أو أقل من الكبريت ابتداء من الأول من كانون الثاني (يناير) 2020. ستؤثر هذه القواعد في سوق بواقع أربعة ملايين برميل في اليوم من الوقود البحري. تتبع مصافي التكرير وشركات النقل البحري عدة استراتيجيات للامتثال للتعليمات الجديدة، بما في ذلك تركيب أجهزة امتصاص الغاز scrubbers - وهي الأنظمة التي تزيل الكبريت من غاز العادم المنبعث من السفن، وكذلك زيادة إنتاج الوقود منخفض الكربون. على الرغم من أن إمدادات الوقود منخفض الكبريت المتوافقة مع القواعد الجديدة كافية، إلا أن بعض المحللين يقولون إن هناك بعض المشكلات مع الرواسب الموجودة في أنواع الوقود الجديدة.
وفرة الإمدادات:
يعاني عديد من أسواق الطاقة زيادة العرض - الفحم، الغاز الطبيعي المسال والنفط الخام. على الرغم من أن أسواق النفط تتأثر بعديد من العوامل، إلا أن "أوبك" وحلفاءها يلعبون دورا كبيرا في التخلص من فائض المعروض. في حين سيكون من الصعب التخلص من وفرة الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، وقد يستمر الغاز المصاحب للنفط الخام في الارتفاع رغم التداعيات المالية في صناعة الغاز الصخري. كما أن فائض الغاز الطبيعي المسال يزداد في الأسواق العالمية، حيث بلغت أسعاره في أسواق اليابان أدنى مستوياتها منذ أعوام عدة لمثل هذا الوقت من العام. حتى إن بعض المحللين رفعوا احتمالية إلغاء تسليم بعض العقود مع استمرار انخفاض الأسعار الفورية.
مصادر الطاقة المتجددة مستمرة في النمو:
في عام 2019 شكلت مصادر الطاقة المتجددة أغلبية الإضافات الجديدة لطاقة التوليد في الولايات المتحدة. وفي عام 2020 من المتوقع أن تتضاعف سعة تخزين الطاقة. وفي العام الماضي، تم إعلان بعض السياسات الطموحة على مستوى الولايات، التي تستهدف 100 في المائة الطاقة المتجددة. كما أعلنت نحو عشر شركات توليد أمريكية خططا لإزالة الكربون. وفي العام الماضي، تفوقت أسهم شركات مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير على شركات النفط والغاز. مع انخفاض التكاليف والسياسات المواتية بشكل متزايد للطاقة المتجددة، يبدو مستقبل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مشرقا، وستكون له تداعيات على أسواق النفط والغاز.
المخاطر الجيوسياسية لا تزال قائمة:
ضمن الرهانات المؤكدة، ستظل المخاطر الجيوسياسية في أسواق النفط تلوح في الأفق. بدأ العام بمواجهة في السفارة الأمريكية في بغداد، التي تلت الغارات الجوية الأمريكية قبل أيام قليلة. لا يمثل الوضع الفوري خطرا كبيرا على إمدادات النفط، لكن الحادث يأتي في أعقاب الاضطرابات التي شهدتها محافظة البصرة، حيث يتركز معظم إنتاج النفط العراقي. علاوة على ذلك، فإن الأزمة في العراق هي في الواقع معركة بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران، وهو الصراع الذي اندلع مرة أخرى. كما أن الحرب الأهلية في ليبيا، والعقوبات والاضطرابات في فنزويلا، ومزيد من الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، ما هي إلا عدد قليل من بؤر التوتر المحتملة في عام 2020.
الحرب التجارية:
إن تراجع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ربما يجنب الاقتصاد العالمي، الركود الاقتصادي، مع بروز بعض المؤشرات الإيجابية في الأشهر الأخيرة. يشير تخفيض الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين أيضا إلى تخفيف الضغوط على الاقتصاد. في عام 2019، كان لكل تطور وتحول في الحرب التجارية تأثير كبير في أسعار النفط، وقد وفر الاتفاق بين والولايات المتحدة والصين دفعة قوية للأسواق في نهاية العام. سيؤدي مزيد من التراجع - أو العودة إلى المواجهة - إلى تأثير كبير في اتجاهات أسواق السلع في عام 2020.

انتخابات 2020 في الولايات المتحدة:

على الرغم من أن كل انتخابات تعد الأكثر أهمية في الذاكرة الحديثة، إلا أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 هي الأكثر أهمية بشكل خاص لقطاع الطاقة في الولايات المتحدة. إن إعادة انتخاب الرئيس ترمب ستضمن استمرار الدعم الكبير لصناعة النفط والغاز، رغم تفاقم أزمة المناخ. يمكن أن يشهد فوز ديمقراطي محتمل حظرا كبيرا، وقوانين جديدة وضرائب أخرى تستهدف الوقود الأحفوري، بينما يحتمل أن يكون هناك دعم هائل للطاقة المتجددة. وهناك كثير على المحك في هذا الجانب.