خالد بن عبدالعزيز أبا الخيل

لم يكن أوسع الناس خيالا وأبعدهم توقعا يتصور أن تبلغ الدناءة والخسة بقناة الجزيرة الفضائية -ومن وراءها- ما بلغته من دَرَك حتى بثت برنامجها التافه «ما خفي اعظم» (تسميه -زورا- برنامجا وثائقيا) حول الحادث الإجرامي باستباحة المسجد الحرام عام 1400 /‏ 1980م.

لا أستطيع أن أختار، ولن يستطيع أحد أن يختار، صورة تمثل حجم الانحطاط والإسفاف والخسة والديموغوجية التي وقعت هذه القناة في أتونها!

هل هي صورة بعث جراح جريمة بشعة تنكأ بها «حمالة الكذب» مشاعر مليار ونصف مسلم تجاه أقدس أقداسهم في الأرض حيث البيت والكعبة والصفا والمروة والمقام؟!

أم هي صورة التشفي -الذي لا تخطئه العين- بتعطل الطواف والسعي والصلاة قرابة شهر في المسجد الحرام؟!

أم هي صورة الرقص على جراح قبائل وعوائل كريمة فقدت آباء وإخوة وأبناء أعزاء -نحسبهم شهداء- من رجال الأمن والمعتمرين في أحداث الجريمة الشنيعة النكراء؟!

أم هي صورة سخريتها -التي تبديها فلتات اللسان- من مشاهد الصراع بين معظّمي الشعائر والمعتدين عليها وبين الموت والحياة وبين الخوف والأمن؟!

أم هي صورة الجحود لجهود عظيمة لبلد عظيم حمى الله به البيت العتيق والحمى الكريم بأقل الخسائر وأخف الأضرار؟!

من سيصدق أن الجزيرة حريصة على المقدسات وهي التي تصل اليهود -مدنسي أولى القبلتين- بالقبل، وتقيم معهم العلاقات، ولها مكتب على لوحة جداره خارطة «إسرائيل»، وترفرف فوق سطحه النجمة السداسية؟!

هل تظن القناة «الخائبة» أن تقنع أحدا أنها حريصة على المسجد الحرام وهي التي تروج للحوثي الذي صوب صواريخه -المصنعة في إيران (ولية القناة)- تجاه الكعبة وعمار مسجدها المحرم أكثر من مرة قبل أن ترجع -بحمد الله- بالخزي والخسار؟!

من تعتقد الجزيرة أن يصدق زعمها «الخوف على المسلمين» وهي تذكي أوار الاقتتال والفتنة في جنابات العالم الإسلامي وقد علم أولياؤها وأولياؤهم أن هدم الكعبة أهون عند ربها من إراقة دم مسلم؟!

من يتصور أن تبحث الجزيرة في حكم دخول غير المسلم الحرم وهي التي تجاوزت حدود كل المحرمات بالكذب والخديعة والتآمر؟!

من خطر في باله يوما أن تأتي الجزيرة لتفتي في الحلال والحرام وهي التي تقفز كل الأحكام لتشريع أجنداتها البائسة!

هل أتى على الإنسان حين من الدهر ظن فيه أن تبدي الجزيرة قلقها على منبر الحرم وهي التي تحولت منبرا لمكذبي القرآن والطاعنين في عرض النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، ولاعني صحابته الكرام؟!

بعد هذا وقبله هل نغفل عن حجم الجرم المهني والأخلاقي، فضلا عن المسؤولية الدينية (لمناسبة الشعور الديني الطارئ للقناة!) الذي وقعت فيها الجزيرة في بحثها عن أخطاء -وهي لم ولن تجد بحمد الله- في حادثة تطهير الحرم، بدل أن يكون البحث عن الموقف العظيم الذي وقفته المملكة العربية السعودية شرعيا وحضاريا ومهنيا لتطهير المسجد الحرام في أيام لتواصل مسيرتها السعيدة المسعدة في خدمة الحرمين الشريفين، ولو كان في بلد آخر لربما كانت التكلفة تاريخية والتبعات لا محدودة؟!

ما الفرق بين حادثة الحرم عام 1980 و«حادثة» هذا البرنامج المتشفي بالدم الحرام في المسجد الحرام في البلد الحرام في الشهر الحرام عام 2020؟! ما الفرق حقيقة؟!

إني لأعتقد أن ما أظهره الله -وتخفيه قناة الجزيرة- من الكذب في الحقائق والتزييف في الأرقام واجتزاء الحوادث وتوظيف الجريمة والسخرية بالمشاعر والدعوة الخبيثة المبطنة المهددة لأمن الحرمين.. هو من الإلحاد في الحرم!

ويل لقناة الجزيرة!

ويل لحمالة الكذب والخسة والفجور!