عمر عليمات

مستشار إعلامي، كاتب ومحلل سياسي، متخصص بقضايا الشرق الأوسط، عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية المرئية والمطبوعة في الأردن والإمارات، كاتب في صحف إماراتية وعربية

«.. أنا ومن بعدي الطوفان».. عبارة قالتها مدام دي بومبادور عشيقة لويس الـ15 قبل مئات السنين، لتصبح شعاراً ورمزاً لكل مَن لا يرى العالم إلا من زاوية مصالحه ومكتسباته الشخصية، حتى ولو كان الثمن وطناً وشعباً كاملاً، ليختزل الجميع في بوتقة أنانيته وشهوته للسلطة والحكم.

4 أشهر مرت وتونس بلا حكومة، وإخوان تونس مصرون على أن تكون الحكومة لهم أو على الأقل تابعة لهم، فشلوا في تمرير الحبيب الجملي، ويُفشلون الآن تمرير إلياس الفخفاخ، بحجة أن تشكيلته استثنت «حزب قلب تونس»، وشعارهم إما الحكم أو بقاء تونس هكذا دون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه التونسيين الذين من المفترض أنهم أبناء جلدتهم، وهم أهم من كرسي الوزارة والسلطة.

تونس تائهة اليوم بين رئيس بلا قاعدة حزبية تمكنه من أخذ زمام المبادرة، وحركة أمعنت في سياسة «الغاية تبرر الوسيلة»، فمهما كانت الأضرار التي تلحق بتونس جراء هذا الوضع السياسي المعقد، فإنه لا شيء مهماً بالنسبة للنهضة سوى ضمان بقائها في المشهد السياسي، لعلمها التام أن «رصاصة الرحمة» باتت قريبة وأن الشعب التونسي فاض به الكيل من هذه الممارسات والشعارات، التي لم ولن تحسن معيشة الناس أو تخلق لهم فرصاً توفر لهم الحياة الكريمة.

الدستور التونسي ينص على أنه في حال مرور 4 أشهر كمدة قصوى منذ التكليف الأول دون تشكيل حكومة، فإن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة، وهذا ما هو مطلوب اليوم من الرئيس للخروج من مأزق نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة التي أفرزت برلماناً مشتتاً غير قادر على اتخاذ أي قرار يعيد تونس إلى المسار الطبيعي.

«إخوان تونس» حكموا من 2011 -2014، وجربهم الشعب التونسي ومنذ ذلك اليوم وهم في تراجع، فلم تمر انتخابات من دون أن تتقلص مقاعدهم في البرلمان، لكنهم لم يستوعبوا بعد أن عليهم إخلاء الساحة لغيرهم، فمن حق المواطن التونسي أن يجرب غيرهم ما دامت حكومتهم لم تقدم شيئاً، وبقيت شعاراتها حبراً على ورق، وهدفها الوصول ولا شيء غيره.

باختصار، الانتخابات المبكرة باتت شبه حقيقة واقعة، وعلى التونسيين أن يتخطوا مشكلة إخفاقات الانتخابات السابقة، ويصطفوا خلف من يوصلهم إلى بر الأمان.