نجاة السعيد

تناولت وسائل التواصل الاجتماعي ما ذكره القاضي العراقي، منير حداد، «نحن الآن بانتظار أن يكتشف (الكفار) علاجا لكورونا لكي نعود إلى الجوامع ونصلي داعين الله أن ينصرنا على القوم الكافرين». تكشف هذه العبارة الساخرة مدى التفاوت الكبير بين عالم متقدم منهمك بالبحث العلمي والاكتشافات، وعالم يعيش في عقول العصور الوسطى منشغل بأيديولوجيات دينية يرى فيها وسيلة للتفوق.

في حين أن دول المنطقة مشغولة في تفسير نظرية المؤامرة لفيروس كورونا، نجد الدول المتقدمة تتسابق لاكتشاف لقاح للفيروس. فالباحثون من دول مثل الولايات المتحدة وأستراليا ودول مختلفة في أوروبا يعملون جنباً إلى جنب مع نظرائهم الصينيين لإصدار أول لقاح يمكنه علاج الفيروس. كما تنهمك العديد من شركات الأدوية الكبيرة في الولايات المتحدة على إنتاج لقاح سيكون مربحاً لها، وأيضا شركات التكنولوجيا الحيوية التي أعلنت عن إحراز تقدم في هذا المجال تشهد ارتفاع أسعار أسهمها. وقد أفادت تقارير طبية صينية، بأن العلماء على وشك اكتشاف لقاح لفيروس كورونا وكذلك معاهد البحوث العلمية في إسرائيل منخرطة في إنتاج لقاح لفيروس كورونا على أساس لقاح فيروس التهاب القصبات المعدي.

إن التسابق بين الدول المتقدمة على إيجاد لقاح للفيروس يتضح أيضاً في حجم الإنفاق لدعم البحث العلمي، فالولايات المتحدة إنفاقها الأضخم بين الدول. فقد أقر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ميزانية عاجلة بقيمة 8.3 مليار دولار لمكافحة فيروس كورونا، وقد ضخ مليارات الدولارات تصل إلى 3 مليارات دولار لأبحاث اللقاحات. أما في المملكة المتحدة، فقد تعهدت الحكومة بمبلغ 52 مليون دولار لدعم البحث العلمي لإنتاج لقاح للفيروس.
لقد وضح سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في كتابه، «آفاق العصر الأميركي: السيادة والنفوذ في النظام العالمي الجديد»، أن هناك معايير عدة للوقوف على حقيقة ترتيب القوى في النظام العالمي

وأولها التعليم والبحث العلمي. فتربع الولايات المتحدة الأميركية على قمة الهرم هو بسبب الإنفاق الضخم على التعليم والبحث العلمي، كما أن ميزة النظام التعليمي الأميركي مشجع على البحث العلمي.
ووفقًا لبيانات معهد اليونيسكو للإحصاء لعام 2018، فإن 4 بلدان فقط حول العالم تنفق ما يزيد على 100 مليار دولار سنويًا على البحث والتطوير، تأتي في مقدمتها الولايات المتحدة بحجم إنفاق 476.46 مليار دولار ثم الصين ب 370.59 مليار دولار.
وفي المقابل وفق بيانات البنك الدولي لعام 2016، نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي في العالم العربي تقل عن نسبة 1%. كما يوضح تقرير معهد اليونيسكو للإحصاء أن الدول العربية الأكثر إنفاقًا سنويا على البحث العلمي هي: السعودية بحجم إنفاق 12.513 مليار دولار، ثم مصر 6.116 مليار دولار، ومن ثم الإمارات بحجم 4.250 مليار دولار. فكون هذه الدول هي الأكثر إنفاقاً على البحث العلمي، عليها المزيد من التعاون والتكامل في هذا المجال.
إن زيادة حجم إنفاق الدول العربية على البحث العلمي لابد أن يكون من الأولويات كما يجب التأكد من استثمار هذه البحوث لتطوير سياسات العمل وزيادة التنمية الإنتاجية، وإلا سيكون صعباً على الدول العربية اللحاق بالدول المتقدمة إنْ لم يكن مستحيلاً وبالتالي ستظل دائماً تحت هيمنتها.