فاتح عبدالسلام

تغير‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬ساعات،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬تثق‭ ‬باجراءات‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬حل‭ ‬سوى‭ ‬العزل‭ ‬وغلق‭ ‬الحدود‭ ‬وتعطيل‭ ‬مسارات‭ ‬الحياة‭ ‬العادية‭ ‬وفعالياتها‭ ‬والصمود‭ ‬الداخلي‭ ‬لتقليل‭ ‬الخسائر‭ .‬

‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المنكوبة‭ ‬بالحروب‭ ‬والاوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬المضطربة‭ ‬والحكومات‭ ‬والمليشيات‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬ربع‭ ‬عدد‭ ‬بلدان‭ ‬العرب‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬أوضاعها‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬الى‭ ‬ليبيا‭ ‬ومن‭ ‬اليمن‭ ‬الى‭ ‬سوريا‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬لا‭ ‬تفكر‭ ‬كما‭ ‬يفكر‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬ازاء‭ ‬الكارثة‭ ‬الوبائية‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭ .‬

‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬اعتادت‭ ‬على‭ ‬التردي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬سيء‭ ‬الى‭ ‬أسوأ‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬الذي‭ ‬خدم‭ ‬البشرية‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬والطب‭ ‬والصيدلة‭ ‬والعلوم‭ ‬،‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬انهيارات‭ ‬مفاجئة‭ ‬نقلته‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬القمم‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬السفوح‭ ‬فيما‭ ‬تلوح‭ ‬الوديان‭ ‬والمهاوي‭ ‬للعيان‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬يبدو‭ ‬الرعب‭ ‬كبيراً‭ ‬والصدمة‭ ‬عظيمة‭ .‬

في‭ ‬بلد‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬تحدث‭ ‬وزير‭ “‬الصحة‭ ” ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬صحية‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يظهر‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬الى‭ ‬السطح‭ ‬،‭ ‬والأمور‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬عادية‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الحكومات‭ ‬واحزابها‭ ‬المتقاتلة‭ ‬بروح‭ ‬طائفية‭ ‬قذرة‭ ‬على‭ ‬المناصب‭ ‬بوصفها‭ ‬مغانم‭ ‬لاقطاعيات‭ ‬عائلية‭ ‬وحزبية‭ ‬وخارجية‭ ‬أيضاً‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬كونها‭ ‬وزارات‭ ‬تضع‭ ‬أمن‭ ‬المواطن‭ ‬الغذائي‭ ‬والصحي‭ ‬والمعيشي‭ ‬والشخصي‭ ‬في‭ ‬الأولوية‭.‬

مَن‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬فقدان‭ ‬العراق‭ ‬أبسط‭ ‬امكانات‭ ‬الأنظمة‭ ‬الصحية‭ ‬الناجحة‭ ‬،‭ ‬والبلد‭ ‬ليس‭ ‬محاصراً‭ ‬منذ‭ ‬سبعة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬ومليارات‭ ‬النفط‭ ‬تدخل‭ ‬الى‭ ‬خزائنه‭ ‬كل‭ ‬سنة‭. ‬هل‭ ‬جرى‭ ‬محاسبة‭ ‬وزير‭ ‬صحة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الايام‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬رؤيته‭ ‬لحال‭ ‬العراق‭ ‬عند‭ ‬وقوع‭ ‬الكوارث‭ . ‬وهل‭ ‬تفرغ‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬ليستشرف‭ ‬شيئاً‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬التوافقات‭ ‬والامتيازات‭ ‬؟

أي‭ ‬سياسي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يلقم‭ ‬في‭ ‬فمه‭ ‬حجراً‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ان‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬فشل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬طوال‭ ‬عقد‭ ‬ونصف‭ ‬العقد‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مراكز‭ ‬ومستشفيات‭ ‬متطورة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭ ‬رئيسية‭ .‬

‭ ‬ولا‭ ‬نسأل‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬مدن‭ ‬فقدت‭ ‬مستشفياتها‭ ‬العامة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬داخلية‭ ‬ولا‭ ‬ذكر‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمارها‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ .‬