عبدالله السعدون

من أهم المجالات التي تحتاج خططاً بعيدة المدى وبرامج واضحة لتحقيقها إصلاح التعليم، ذلك أنه يعتمد بنسبة كبيرة في إصلاحه على المعلم، وكيف يتم اختياره وتأهيله وتدريبه، والاختيار بحد ذاته قد يبدأ قبل المرحلة الجامعية..

اشتهر الغرب وبريطانيا بشكل خاص بوضع الخطط بعيدة المدى لمختلف المجالات، ولديهم صبر عجيب وقدرة على تنفيذها، ومن الأمثلة البسيطة ما أعرب عنه النجم الإنجليزي ديفيد بيكام الذي يمتلك ناديا رياضيا في أميركا عن أمله في أن ينجح الدوري الأميركي الممتاز في منافسة الدوريات الأوروبية الكبرى خلال العشر سنوات القادمة، أما جورج ماس أحد ملاك الأندية الأميركية الأشهر فيعتقد أن الدوري الأميركي لكرة القدم في وضع يمكنه من منافسة الدوريات الأوروبية بحلول العام 2045 أي بعد خمسة وعشرين عاماً من الآن، حيث سيصبح في وضع يتجاوز فيه أفضل الدوريات في العالم.

يقول بيكام: لا نريد أن تصبح أنديتنا في أميركا مجرد مكان يأتي إليه اللاعبون قبل اعتزالهم، فنحن كملاك للأندية وكمستثمرين لا نريد ذلك، والحل في التخطيط الجيد والبعيد لضمان النتائج.

هذا مثال واحد كيف يفكر قادة الغرب للوصول إلى ما يرغبون به من نتائج، بعضها تم التخطيط له لأكثر من مئة عام كما هو في خطط الصهيونية العالمية من أجل هجرة اليهود إلى فلسطين وقيام إسرائيل، وكما هو في مراكز الأبحاث التي تستغرق بعض نتائجها سنوات طويلة من العمل المستمر والصرف السخي.

والمملكة كما هو في كثير من دول العالم تواجه تحديات كثيرة في مجال الصحة والتعليم والاقتصاد والرياضة والبيئة، ومن أهم أسباب هذه التحديات هو غياب الخطط بعيدة المدى، وعدم وضع برامج واضحة لتحقيقها، ولهذ وضعت المملكة رؤيتها 2030 ووجهت البرامج والمبادرات لتحقيقها بأهدافها الكبيرة.

ومن أهم المجالات التي تحتاج إلى خطط بعيدة المدى وبرامج واضحة لتحقيقها إصلاح التعليم، ذلك أنه يعتمد بنسبة كبيرة في إصلاحه على المعلم، وكيف يتم اختياره وتأهيله وتدريبه، والاختيار بحد ذاته قد يبدأ قبل المرحلة الجامعية لتوجيه أفضل الطلبة ومن تنطبق عليهم شروط أداء رسالة التعليم إلى التخصصات المطلوبة في هذا المجال، والتعليم من المجالات التي يصعب تطويرها إلا بجهود كبيرة ومستمرة لكن النتائج تستحق ذلك، فتطوير التعليم يعني تطوير ما عداه من الأنشطة ذلك أنه يهتم بأهم عناصر التنمية وهو الإنسان.

المجال الثاني الذي يستنزف نسبة كبيرة من الدخل القومي في جميع الدول ولا يمكن حلّ تحدياته إلا بخطط بعيدة المدى هو الرعاية الصحية، فمهما بنت الدول من مستشفيات ووضعت بها من تجهيزات فلن تفي بمتطلبات المستقبل إلا بالتركيز على مبدأ الوقاية لتقليل عدد المرضى، وهذا يتطلب التركيز على الرعاية الصحية الأولية في المدارس وطب الأسرة، لمكافحة أسباب المرض ومنع حصوله منذ البداية، أو اكتشاف المرض مبكراً ليسهل علاجه، ومنه مكافحة السمنة في وقت مبكر وقبل حصول المضاعفات المصاحبة، والتوعية بأضرار التدخين في سن مبكرة وقبل الوقوع فيه، وتقليل نسب حوادث الطرق، والتنسيق مع البلديات لتهيئة أماكن مناسبة لرياضة المشي والرياضات الأخرى على أن تصمم لتناسب أجواءنا وخصوصاً في فصل الصيف.

ثالثاً: تنقل معظم وسائل الإعلام في العالم إبداعات أبنائها وحصولهم على ميداليات ذهبية وفضية سواء الرياضية كالألعاب الأولمبية أو الفنية كجوائز الأفلام وغيرها، وعادة تفوز الدول المتقدمة بالنصيب الأكبر من الميداليات، ومثل هؤلاء الفائزين يصبحون ملهمون لمن بعدهم من الأجيال ليحذوا حذوهم، ومنهم من يدخل مجال التجارة أو الأعمال التطوعية، مما يعود على بلدانهم بالخير والسمعة الحسنة، فالرياضة ومثلها الفنون بأنواعها من أهم وسائل التعريف بالبلد ومن وسائل القوة الناعمة، ومن الوسائل الناجحة لتشجيع السياحة بأنواعها. لذا من الواجب أن نركز على تدريب الصغار الموهوبين في المدارس ونستقدم لهم المدربين لننافس بهم العالم في العام 2030 وما بعده.

التخطيط البعيد المدى أثبت جدواه ونتائجه المبهرة، ذلك أنه يبدأ مبكراً ويخضع للمراجعة المستمرة، وعلينا أن نتذكر أنه لا توجد طرق مختصرة للإبداع والتميز وإلا لأصبح الفوز والنجاح متاحا للجميع.