خالد الطراح

«انا وسعاد والغربة الجديدة»، كان عنوان مقالي في 11 مارس 2020، حيث تناولت معاناة الشعور بالغربة الجديدة.. الغربة التي تفتك بالإنسان وجدانياً وتمزقه الذكريات ذهنياً بعد رحيل انسان عزيز على الروح من هذه الدنيا حين يحل الموعد المنتظر.

عتبت حينها بخالص الود على الكاتبة والأخت العزيزة سعاد فهد المعجل على ما اعتبرته شخصيا قسوة في التذكير من الزميلة سعاد، المبدعة في التفكير والتعبير، التذكير بألم الفراق بالرغم من حجم القناعة الذهنية التي تجمعنا فكريا انا وسعاد، بأن الموت هو القدر المحتوم لكل انسان.. يفزع منه البعض بينما لا يخشاه من يؤمن بأن الموت آت لا محالة في أي مكان وزمان، فيما تبقى الذكريات الرفيق الرقيق خلال رحلة الغربة الجديدة.. الغربة التي تفرض نفسها على الانسان في المنام.. حين ترتخي الجفون استسلاماً للنوم، بينما العقل لا ينام هائماً.. متألماً.. باكياً.. فرحاً..عاتباً!

مع الدقائق الاولى من الاستيقاظ، تعود الذكريات حية.. قاسية.. غير رحومة.. في الوجدان وزوايا الذاكرة اينما ذهبنا وجلسنا.. فالذكريات هي المُتنفس للروح المُتعبة من الغربة الجديدة.

تلونت آلامي وحسراتي وعتابي، بعد قراءة رواية «الغربة الثانية»، للأخت سعاد، المتألقة بفكرها والرائعة بتواضعها عقلاً وسلوكاً..الوفية والحنونة مع ذاتها والغير بنفس القدر والمعنى.. لكني اليوم أعلن بأنني مدين لها.. مَدين بالامتنان والشكر، فقد اشعلت سعاد، وهج غربتي الجديدة بعد رحيل الشقيق الأكبر والأب، يوسف (ابونادر) في الوقت الافضل والأنسب!

اشكر سعاد على ولادة مبكرة لهجمة التعبير العفوية عندي عن غربتي في ذكرى شمعتنا التي انطفأت، العزيز الراحل ابونادر، بالرغم من ان الذاكرة لم تتوقف من استدعاء زمن رغد من الوفاء والمودة، كما حصل مع سعاد عند استحضار غربة خالها المرحوم د. عبدالله حمد المعجل بعد وداع قاس لشقيقه، وغربة سعاد اثناء وبعد استكمال فصول رواية، خالها، وغربة اخرى بعد وداع توأم حياة سعاد، الراحلة موضي الهويدي.

لكِ يا سعاد عميق الشكر من قلبٍ مكسور.. وعقل متعملق بشغف الذكريات الجميلة والامتنان للشقيق الراحل يوسف.. فقد انقذتني روايتك من آهات عزلة اجبارية اعيشها هذه الايام مع فزع عالمي من عدو شرس يدعى كورونا.. وحدة نفسية واجتماعية بعد فقدان شمعة رمضان العائلية «ابو نادر».. وتباعد اجتماعي عن شقيقي وصديقي العزيز الأعز يعقوب، «ابو سليمان».

أشفقت علي سعاد وأنا أعيش وحيداً في شهر رمضان افتقد منارة البيت، الزوجة الغالية تهاني، وابنتي دانة، دانة القلب، والحفيدة، تالية، التي جاءت الى الدنيا في زمن كورونا بالعاصمة البريطانية.. فقد دخلتُ نادي الاجداد عبر الاتصال المرئي حتى اليوم!

احتضن اليوم مزيجا من مشاعر الفرحة ودموع البهجة بالحفيدة، تالية، والشوق المتعثر لأسرتي الصغيرة، بسبب عذاب غربتي الحديثة بعد تشكيل غيوم كورونا عالمياً!

قسوةٌ لا انكرها، لكنها تحمل معاني وتحديا جديدا توقد نار الوجد في اليوم مرات وتجدد الأمل آلاف المرات. انها الحياة_الجميلة..الساحرة بأحزانها وأفراحها.. فناء الروح البشرية.