أسرار جوهر حيات

أعادت لي أحداث وتداعيات أزمة كورونا ما كان يردده أستاذي في الجامعة د. فؤاد الفلاح، حيث كان يقول دوماً إن إلقاء أخطائنا على الآخرين أصبح عادة، ويردد «نحن ككويتيين حتى في لهجتنا وطريقة حديثنا نلقي باللوم على الآخرين وكأننا نهرب من المسؤولية، فعلى سبيل المثال، نقول: انكسر القلاص (الكأس) ولا نقول كسرت القلاص».

ويبدو أن هذه الثقافة انعكست على سلوك القياديين والمسؤولين، حتى أصبح مشهد اعتذار مسؤول عن خطأ ما في جهته، أشبه بالحلم، صعب المنال، حتى جاءت أزمة كورونا لتؤكد ذلك.. فعلى الرغم من الكم الهائل من «البلاوي» التي شهدناها خلال ٤ أشهر ونيّف، فلم نر اعتذاراً واحداً للشعب، بل على العكس، أصبح المواطن شماعة للحكومة حتى تلقي عليه مسؤولية أخطائها.

فبالأمس القريب عندما تم تمديد المرحلة الأولى من مراحل عودة الحياة، ألقت الحكومة اللوم على المواطن، حملته وزر تفشي الوباء، من دون أن تعتذر عن قرارات متذبذبة شهدتها البلاد أثناء فترات الحظر، ومن دون أن تعتذر عن أخطائها التي قادت إلى التجمعات والاختلاط وغيرها.

لم تعتذر الحكومة عن عدم الحزم في تطبيق الحظر الكامل منذ بداية الأزمة، ولم تعترف أنها أخطأت في بعض القرارات كالتأني في إغلاق المطار، والتساهل في تطبيق الحجر المنزلي والمؤسسي، كما لم تر نفسها مخطئة في التوسع في إعطاء تصاريح الخروج حتى عندما طبقت الحظر الكلي، فسمعنا عن أشكال متنوعة من التصاريح، كزيارة الزوجة الثانية وغيرها، حتى زادت الطين بلة بتصريح آخر سمح بالتجمعات في الشاليهات في فترة العيد!

ولو كانت الحكومة جادة في تطبيق الحزم في الحظر، لما ارتفعت حالات الإصابة ولا كلفنا الدولة كل هذه التكاليف للمحاجر وغيرها.

اليوم، وبعد مرور أكثر من ٤ أشهر على أزمة كورونا، اكتشفنا العديد من الأخطاء، وكشفنا المستور في تجارة الإقامات وغسل الأموال وغيرها من التجاوزات، ورغم ذلك لم نشهد اعتذاراً واحداً للشعب، عن تراكم أخطاء على مدى سنوات في هذه الملفات التي باتت نقطة سوداء في سمعة الكويت الدولية.

٤ أشهر ومشاريع أبنائنا الصغيرة والمتوسطة معطلة، تبخرت أحلامهم وتراكمت خسائرهم وديونهم، من دون أن يبت في أمرهم، ومن دون أن تسعى الحكومة بشكل جاد إلى مساندتهم ورغم ذلك لا اعتذار واحداً من مسؤول لهؤلاء الشباب.

٤ أشهر وأبناؤنا في التعليم الحكومي بلا دراسة، ولا خطة واضحة لاستكمال تعليمهم ولا يسمعون من وزير التربية د. سعود الحربي سوى عبارة «كل الخيارات متاحة»، من دون أن يقدم لهم اعتذاره لأبنائه الطلبة الذين ينتظرون إكمال تعليمهم.

٤ أشهر نعيش تعطلاً كاملاً للدولة بكامل مرافقها وأنشطتها وخدماتها واقتصادها، وما زالنا نسجل حالات يومية للإصابات بكورونا تلامس سقف ألف حالة، ولا مسؤول خرج معتذراً وموضحاً ما يحدث.

وهل بعد هذا كله.. نلقي باللوم على المواطن الذي خرج بأمر الحكومة واختلط وفقاً لتذبذب قراراتها وزار أقاربه واجتمع وارتاد الشواطئ وفقاً لما أتاحته له من تسهيلات؟! لا يا حكومة.. المواطن لا يتحمل وزرك!