في التحرّك الاميركي والفرنسي والسعودي حيال لبنان نافذة فرصة ومواجهة وتحديات. أما الفرصة، فإنها وقف الانهيار المالي والاقتصادي والانزياح الجيوسياسي في صراع المحاور. وأما التحديات، فإنها ممارسة مسؤولياتنا في ما سماه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان "ساعدونا لنساعدكم".

في الحالتين كثير من الاسئلة: هل حدثت مراجعة لسياسة التخلي عن لبنان لان "حزب الله" يتحكم به أم ان تلك السياسة كانت في خيالنا اكثر مما هي في الحسابات الواقعية؟ هل كانت الدعوات الى التوجه "شرقاً" وخطوات الاقتراب من الاندماج في "محور الممانعة"، هي التي فتحت عيون العرب والغرب على مخاطر صارت واقعية: ترك لبنان لايران؟ والى أي حدّ يستطيع العرب والغرب إعطاء لبنان من الوقت والجهد والاهتمام بمقدار ما تعطي الجمهورية الاسلامية له من اهمية في مشروعها الاقليمي؟

مهما تكن الاجوبة، فإن المعادلة واضحة، من خلال نشاط باريس وأحاديث وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، وزيارة قائد القيادة الوسطى الجنرال كنيث ماكنزي وتحركات السفير السعودي وليد البخاري: الضغط على "حزب الله" ضمن سياسة "الضغط الاقصى" على ايران، ورعاية لبنان ومساعدته.

لكن من الصعب رسم خط فاصل بين الضغط بالعقوبات وبين الرعاية والمساعدة مالياً وسياسياً. فالعهد حليف "حزب الله". والحكومة حكومة العهد و"حزب الله". والاكثرية في المجلس النيابي لمحور "الممانعة". والسيد حسن نصرالله يقول بكثير من التحدي للاميركان: "ان سياستكم ستقوي حزب الله وتضعف حلفاءكم ولن يجد الناس امامهم ملاذاً الا المقاومة وحلفاءها". والأصعب هو قدرة لبنان المطلوبة مساعدته على ممارسة مسؤولياته في تحقيق المطلوب منه.

ذلك ان البنتاغون "مستمر في دعم الجيش اللبناني الذي يدافع عن استقلال لبنان وسيادته"، كما قال الجنرال ماكنزي. وفرنسا كانت ولا تزال تلح على الاصلاحات. والخارجية الاميركية تقول بلسان الوزير بومبيو: "سنواصل مساعدة الشعب اللبناني على تشكيل حكومة مستقلة كي تنجح الاصلاحات وتتراجع سيطرة حزب الله". لكن المشكلة ان معظم حلفاء اميركا وخصومها يخافون من الاصلاحات على مصالحهم. فضلاً عن ان حلفاء "حزب الله" لن يأخذوا مسافة منه لأن الحاجة مشتركة الى استمرار التحالف، وخصومه ليسوا في موقع واحد، ولا على موقف واحد من التعاطي مع "الحزب" وسلاحه.

الليل طويل. والأمل هو ان تصح في لبنان نظرية ماوتسي تونغ: "الامور يجب ان تصبح أسوأ كي تصير أفضل".