في الأسبوع الماضي تناقلت الأخبار نبأ انتقال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مدينة الأحلام نيوم، والهدف من هذه الزيارة التي عودنا عليها خادم الحرمين الشريفين في فصل الصيف هو تأكيد أن المملكة بصدد تطوير الجغرافيا السياحية لها. ونيوم هي المنطقة التي أطلق عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اسم (مدينة الأحلام العالمية)، والهدف كذلك من قضاء المليك المفدى إجازته في نيوم هو تأكيد أن مشروع نيوم يحظى باهتمام كبير من قبل القيادة السعودية، كما أن الهدف هو إطلاع الزوار على المراحل التي تم تنفيذها على الأرض في مشروع عالمي سياحي ضخم.
تقع نيوم في منطقة تراثية لحضارات قديمة كانت تضيء منطقة شبه الجزيرة العربية، كما أن الاكتشافات الحديثة بينت وجود كنوز من الثروات الطبيعية المبشرة، وستفتح نيوم أبوابها لكل (إنسان) يود أن يسهم وينعم في خيرات هذه المنطقة الغنية بخيراتها التراثية والاقتصادية، وأجدها فرصة مناسبة كي أشكر الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام السابق للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الذي كان يقول دائما: المملكة ليست طارئة على التاريخ، وإنما هي من أسهم في بناء وصناعة تاريخ الحضارة الإنسانية منذ أقدم العصور.
إن مشروع نيوم يأتي ضمن المشاريع الضخمة لرؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تحويل السعودية إلى نموذج تنموي عالمي يشد إليه انتباه العالم، وسيتسع المشروع لنحو مليون ونصف المليون زائر، بل سيكون المشروع بمنزلة منطقة جذب للسعوديين بما يوفر لخزانة الدولة نحو 7 .580 مليار ريال خلال عشرة أعوام بحسب الأرقام التي سبق أن نشرتها مؤسسة النقد العربي السعودي.
وكما كانت منطقة نيوم عنوانا بارزا لحضارات غابرة، فستكون منطقة نيوم أيضا عنوانا بارزا في الحضارة الإنسانية الحديثة.
وتؤكد الحكومة بهذا الاهتمام اللافت أن مشروع نيوم العالمي يسير كما هو مخطط له ما يؤكد أن الأمنيات والأحلام التي أفصح عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مناسبات سابقة تحولت إلى حقائق نشاهدها ونعيش فيها على الأرض.
منطقة نيوم تقع في منطقة تتمتع بطقس معتدل مشمس، وتلتف حول خاصرتها مرتفعات جبلية يصل ارتفاعها إلى نحو 2500 متر، ولذلك ستصبح الجبال الشاهقة في فصل الشتاء مكسوة بالثلوج لتخلع على المنطقة طبيعة جبلية خلابة، تهب فيها رياح باردة تدغدغ مشاعر الزوار الذين سيتهافتون عليها من كل أنحاء العالم.
كذلك فإن المشروع ينفتح على شواطئ بمساحة تصل إلى نحو 460 كيلو مترا ليوفر مكانا فسيحا لمحبي سياحة الشواطئ، كما أن المشروع يضم كثيرا من الجزر الخلابة التي توفر عددا كبيرا من المنتجعات الساحرة التي تشد إليها الزوار من كل مكان في العالم.
ولقد روعي في مشروع نيوم أن يقوم في منطقة قريبة من الأسواق العالمية وعلى تخوم مسارات التجارة الدولية، كذلك يتميز المشروع بتضاريسه الجاذبة للنفس البشرية، كالشواطئ البكر التي تمتد على مساحة تتجاوز 460 كيلو مترا على ساحل البحر الأحمر وعديد من الجزر ذات الطبيعة الخلابة، ثم تمتشق أمامها الجبال التي تطل على خليج العقبة والبحر الأحمر، وتلحفها الثلوج في فصول الشتاء بالصحراء المبدعة التي تضفي على أفق المكان مزيدا من الجمال والروعة.
إن نيوم عبرت عن نضارتها وحلاوتها في عامين فقط، أما المستقبل فسيقدم مزيدا من المفاجآت السارة لزوار نيوم الجاذبة المشعة التي تنبثق أضواؤها من ثلاث دول عربية شقيقة (السعودية، ومصر، والأردن).
ومن خلال مشروع نيوم تسعى المملكة إلى اقتناص كل الفرص الاقتصادية المتاحة ذات البعدين المحلي والدولي والدخول فيها بثقة وقوة من أجل تنويع موارد الاقتصاد الوطني السعودي، وسيكون الإنسان بمواهبه وقدراته هو اللاعب الرئيس في المشروع، إذ إن المشروع يقوم على الابتكار، بمعنى أن الإنسان هو حجر الزاوية في تحقيق نهضة الأمم، ونلاحظ أنه كلما بزغت نجومية القيادة - كما يحدث حاليا في مملكتنا المزدهرة - استعادت الدولة ألقها وبريقها وازدهارها.
إن مشروع نيوم سيوفر للمنطقة فرصا جاذبة للمستثمرين الكبار من أهمها الوصول إلى السوق السعودية بشكل مباشر، كذلك تكون الفائدة أعم بعدّ المنطقة بمنزلة مركز استراتيجي بين ثلاث قارات، فضلا عن البيئة التنظيمية التي تتيح للمستثمرين المشاركة في صياغة الأنظمة والتشريعات، كما سيحظى المستثمرون وأصحاب الأعمال بدعم تمويلي لإقامة المشاريع التي تخدم أهداف مشروع نيوم مع تأكيد أن حكومة المملكة ستولي هذا المشروع اهتماما بالغا ودعما كبيرا على جميع المستويات.
والهدف في النهاية هو الارتقاء بجودة الحياة ونشر السعادة بكل جوانبها الترفيهية والرياضية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى ذلك ستكون خدمات حكومة نيوم مؤتمتة بشكل كامل وسهلة الاستخدام، مع توفير خدمات رقمية سريعة ومجانية للناس أجمعين، وتدخل معها خدمة الإنترنت في جميع الأماكن تعزيزا لنشر المعرفة والتعليم وتسهيلا للتواصل بين الناس من أجل نشر التسامح وجودة الحياة. إن نيوم ستكون مدينة ذكية بكل ما في المدن العصرية من الذكاء والجمال والروعة.