من لا يقرأ التاريخ ولا يستفيد من الدروس والعبر، فإنه يكرر الأخطاء بل الكوارث التي تحدث من وراء اللامبالاة تجاه تكرار هذه الأخطاء السياسية.. في الثلاثينيات من القرن العشرين تساهلت بل وتقاعست الدول الأوروبية تجاه الصعود السريع للحزب النازي (العنصري) في ألمانيا، واعتبرت كثير من الدول الأوروبية أن صعود الزعيم (أودلف هتلر) إلى السلطة في ألمانيا شأن داخلي، وخصوصاً أنه (أي هتلر) صعد إلى الحكم بواسطة الانتخابات. وهذا التقاعس الأوروبي منذ بداية صعود (النازية) جعلها تدفع ثمناً باهظاً جداً، حيث وجدت أوروبا نفسها في عام 1939 أمام (حرب عالمية ثانية) قادها هتلر، واحتل مساحات شاسعة من أوروبا.. وحتى روسيا وفرنسا وبريطانيا لم تصمد كثيرا أمام اجتياح القوات النازية أراضيها، سواء برا أو بحرا أو جوا.. ودخل العالم بأكمله في حرب عالمية ثانية مجنونة، بل وصلت قنابل (هتلر) الجوية إلى قصف البحرين آنذاك أيضاً.

حرب عالمية ثانية أكلت الأخضر واليابس من أمريكا حتى اليابان ومن أوروبا إلى روسيا، ومن إيطاليا حتى ليبيا ومصر.. كل هذا حدث لأن أوروبا تقاعست منذ البداية تجاه صعود النازية الألمانية بقيادة هتلر، وحليفه الفاشي في إيطاليا (موسوليني)، والعسكرتارية المتعطشة للحرب في اليابان.

وحالياً في أيامناً هذه تكرر أوروبا نفس الأخطاء التي ارتكبتها سابقاً تجاه (تركيا) التي لديها شهية مفتوحة للحروب والتوسعات الخارجية.. وقد تساهلت أوروبا كثيرا تجاه التوسع العسكري التركي في سوريا، واستخدامها الإرهابيين هناك، وتساهلت أوروبا تجاه تدخلات تركيا في العراق، وكذلك تجاه تدخلات تركيا في ليبيا وتجنيدها المرتزقة السوريين وإرسالهم للقتال لصالحها هناك.. وتساهلت أوروبا تجاه الاستفزازات التركية بالتنقيب عن النفط والغاز في مياه دول مستقلة في حوض المتوسط مثل قبرص واليونان.

مؤخراً قالت مجلة (ناشونال انترست) الأمريكية: «إن استفزازات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي ليبيا يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة وسط صمت الولايات المتحدة وضعف الاتحاد الأوروبي.. وأردوغان لم يكف عن تهديد قبرص واليونان، بل هدد عدة مرات باستخدام أسطوله البحري ضد أي طرف يحاول التدخل في النزاع).. في رسالة موجهة إلى فرنسا.

إذن نحن أمام كارثة قادمة.. لأن (أوروبا) تكرر أخطاءها القاتلة من جديد.. وهي الاستهانة بصعود النازية المولعة برغبة الحروب والتوسع والعدوان على أراضي الآخرين والشعوب الأخرى.. حقاً هي أخطاء مميتة.