كم أسعدني ذلك الخبر المرفق بمجموعة من الصور الدافئة التي تبعث في النفس بعض السكينة والارتياح، فقد خصّصت دار «دومينيكو سارتور» لرعاية المسنين، بالقرب من مدينة البندقية الإيطالية، مكاناً باسم «غرفة العناق» حيث يستطيع فيه المسنون لقاء أقاربهم وعناقهم ومسك أياديهم مع البقاء منفصلين عبر قفازات وحائط عزل بلاستيكي للحفاظ على إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد لمنع انتقال العدوى لهؤلاء المسنين مع ضمان الاتصال الجسدي الذي يساعد في الحفاظ على السلامة العقلية والعاطفية للمقيمين في دار الرعاية.

ندرك جميعاً مدى صعوبة الظروف النفسية المرافقة للجائحة التي طال مكوثها المقيت على كوكبنا، عشرات التقارير تتحدّث عن ارتفاعاتٍ مرعبة في حالات القلق والتوتر واضطرابات النوم والتحديات النفسية المتفاوتة التي تهاجم البعض بلا هوادة وتتسبّب لهم بالأذى على المدى المتوسط أو البعيد! حسب شهادات الأطباء المختصين في عدة دول، فحالات الأشخاص التي تم تشخيصها بالاكتئاب على اختلاف مستوياته، في تزايدٍ مستمر. المختصون يتحدّثون عن خطورة التراكمات النفسية التي قد لا يشعر بها أصحابها في مراحلها الأولى، فالعزلة الاجتماعية والمهنية والمشاكل المالية وتقلّص التفاعل البشري المقرون بانخفاض المجهود الجسدي بسبب فترات الإغلاق وبالتالي البقاء لفتراتٍ طويلة في أماكن محدودة وممارسة روتين فقير متكرّر بشكل يومي، كل هذه من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية، ونحن ندرك جيداً أثر ذلك على الصحة الجسدية والعقلية أيضاً.

نحن مُحاطون بدوائر عائلية واجتماعية متعددة ومنهم نسبة ممن يتعرّضون لضغوطٍ كبيرة بسبب الظروف الحالية، حاولوا تقديم الدعم لهم ولو بالكلمة الطيبة أو حل بعض مشاكلهم البسيطة قدر الإمكان، دعوا إنسانيتكم تتنفّس محبة وعطاء، هناك من رُزِق بمولود ودخله منقوص بسبب هذه الظروف، هناك من فقد عمله ودخله، هناك من يعاني بصمت، فليس كل من يتألم يتكلم، لا تنتظروا شكوى اللسان، فبعضهم لا يجيدها، وبعضهم تمنعه عزة نفسه عن التعبير! سارعوا لدعمهم بكل محبة واحتواء بما تقدرون عليه قبل أن يصلوا لمرحلة اليأس لا سمح الله! فتلك مرحلة لا نرجوها لأحد.