دعك من الخناقة الدائرة رحاها، وعما إذا كانت «الست» التى انتشرت صورها بملابس «فرعونية» كان ينبغى أن ترتدى «بادى كارينا». ودعك من ترجيح كفة العباءة السوداء ذات الترتر وخرج النجف التى كانت ستقيها اتهامات الفسق والفجور. ودعك أيضاً من التساؤل حول إذا ما كان المصريون والمصريات القدماء يرتدون فانلات داخلية وأخرى ذات أكمام حفاظاً على الفضيلة أم لا.

ودعونا نتساءل عن الأفعال والأحداث والحوادث التى جرت من حولنا على مدار عام وكان من شأنها أن تخدش حياء الأسرة المصرية وتعصف بقيمها وتهدد بقاءها وتضرب بقواعدها عرض الحائط. هل كانت تلال القمامة المتناثرة هنا وهناك، وبعضها فى شوارع رئيسية وأماكن أثرية ومناطق راقية مثل مصر الجديدة والزمالك والمهندسين؟ لا، لم تخدش هذه التلال قيم الأسرة المصرية. هل كانت آلاف المركبات المرخصة وغير المرخصة التى تسير عكس الاتجاه وتعد شروعاً فى قتل وإلحاق الأذى بالنفس والغير؟ لا، لم يخدش السير العكسى القاتل حياء الأسرة المصرية. هل كانت فتاوى تصدر ربما بحسن نية لكنها تساهم فى مزيد من إغراق للمجتمع فى غياهب الضحالة ودهاليز تسليم الرقاب لرجال يفتوننا فيما نأكل ونقرأ ونفكر؟ لا، لم تتسبب فتاوى عجيبة غربية مريبة فى خلخلة دعائم الأسرة المصرية. هل كانت الدروس الخصوصية التى يصر البعض على الإبقاء عليها إن لم يكن فى السنتر غير المرخص فعبر الأثير غير المراقب؟ لا، لم تتسبب الدروس الخصوصية التى تستنفد جيوب الأهل فى غضب الأسرة المصرية.

هل كانت الرشاوى التى يدفعها كل منا لإنهاء أوراقه وإلا تعرضنا للتعطيل والتأجيل؟ لا، لم تتسبب الرشاوى فى عكننة مزاج الأسرة المصرية. هل كان إصرار ملايين المواطنين على عدم ارتداء الكمامات وضرب عرض الحائط بقواعد النظافة الشخصية، معرضين بذلك أنفسهم وغيرهم لأخطار كورونا؟ لا، لم تغضب أنانية البعض ورفض تحمله نصيبه من المسؤولية المجتمعية للسيطرة على انتشار الوباء فى الأسرة المصرية. هل كان إصرار الملايين على المضى قدماً فى منافسة الأرانب فى الإنجاب وضخ ملايين العيال لتشغيلهم فى التسول وعلى توك توك وتزويج البنات فى عمر الطفولة؟ لا، لم يزعزع الإنجاب دون هوادة والقنبلة السكانية التى انفجرت قبل سنوات أسس وقواعد الأسرة المصرية. هل كان الإصرار على أن يزج المجتمع كله أنفه فى شؤون كل أنثى مصرية بدءاً بماذا ترتدى مروراً بكيف تتحدث وانتهاء بماذا تعمل؟ لا، لم تهز تلك الحشرية شعرة من شعر الأسرة المصرية. ماذا هزها إذن؟ هزتها وعصفت بقواعدها وخلخلت أوصالها وزعزعت قيمها فتيات التيك توك، والراقصة البرازيلية، وفستان رانيا يوسف، ووشم أحمد الفيشاوى، وشابات قضية الفيرمونت المعتدى عليهن وليس شباب الفيرمونت الذين قاموا بالاعتداء. الحقيقة هى أن الأسرة المصرية فعلياً فى خطر، ولكن لأسباب تتعلق بما نظن أنه يعرضها للخطر.