رغم أن وليم شكسبير المولود في 1564م ملء السمع البصر، واسمه بات أيقونة عالمية لا تخطئها العين ولا يجهلها السامع، ففي كل مكان من العالم له تماثيل ونُصب، إلا أن حياته يشوبها بعضا من الغموض، فالمعلومات المتوفرة عنها قليلة، ولولا الوثائق الرسمية التي تفصح عنه، لزاد الغموض غموضاً، ومع أن المتاح عن شخصيته بالكاد يكشف عنها إلا أن اسمه موجود في كل بقعة من بقاع الأرض، وفي كل ركن من مكتباتها، ما لم يحصل لمشهور آخر.

وهذه مفارقة عجيبة! فكيف لشخصية يحيط بها الغموض لدرجة الشكوك في حقيقتها، أن تكون على كل لسان على مدى قرون وحتى هذه اللحظة، فيما شخصياته الدرامية، مثل: عطيل، وهاملت، وماكبث، روميو وجولييت، وتاجر البندقية، والملك لير، نعرف عنها وعن وطبيعتها النفسية والاجتماعية وصراعاتها أكثر مما نعرف عن شخصية شكسبير نفسها، حتى ليُخيّل للكثير أن هذه الشخصيات بشراً يمشون في الأسواق، ولولا السجلات الرسمية التي تحتفظ بها المحكمة والمدارس التي درس بها، لتأكد أن شكسبير شخصية من عالم الخيال.

وترجع أهمية مسرحيات شكسبير أنها تم عرضها للجمهور، فالعرض كان شيئاً مهماً في العصر الإليزابيثي، وكان شكسبير نفسه مهتما بهذا الأمر، ضمن فرقته المسرحية (ذا كينجز مِنْ) المتخصصة في مجال العروض المسرحية في لندن، لهذا لم يكن يهتم شكسبير بجمع أعماله المسرحية، عدا محاولات من بعض أصدقائه جمعوا بعضها في طبعات متواضعة، إنما جُمعت بعده بسنوات، بشكل أكثر ترتيباً وجودة، وطبعت كأعمال أدبية، وتُعد من روائع الأدب الكلاسيكي، كان مجرد وجود اسمه على المسرحية كفيل بأن يتهافت الناس على شرائها، وذلك في الأعوام 1596م وما بعدها، بات مواقع مبيعات مسرحياته نقطة بيع نشطة.

شكسبير، هذا الاسم إذا أتى، أتى معه حمولات مسرحية تنطبع في الذهن بشكل تلقائي، عالم من المسرح يحضر في المكان. يحضر الواقع والخيال، والحبكة المزدوجة، والزمن المفتوح، والنفس الإنسانية.

سؤال: هل احتاج شكسبير إلى مؤسسات ثقافية، تدعمه؟ أم أنه ظهر للوجود من واقع مسؤوليته كفنان، وشغفه بالمسرح؟ أم تبعاً لسوق الفنون المستقلة؟