فرضت أهمية موضوع لقاح كورونا وما يدور حوله من «تشكيك وقيل وقال وأبحاث ووجهات نظر تحرض على عدم أخذ اللقاح أو عدم جديته في القضاء على كورونا»، العودة مجدداً في مقال جديد يحمل- في وجهة نظري - إجابات للأسئلة والاستفسارات والآراء التي وصلتني تعليقاً على مقال «إنه حقًا جهد مشكور».

بداية، أشكر كل من تفاعل مع المقال وسعادتي كانت كبيرة عند معرفتي أن هناك عدداً سجلوا لأخذ اللقاح وبانتظار تحديد موعد، وسعادتي ستكون أكبر عندما يتحصن جميع سكان هذا البلد الطيب من هذا الوباء.

لكن للأسف هناك موجة رفض لهذا اللقاح، والمستغرب أنها تصدر حتى من أشخاص متعلمين ومثقفين، ومنهم أطباء يفترض أنهم قدوة لآخرين وضمن الصفوف الأولى! والأغرب أن البعض وصل به الأمر إلى درجة انتظار المفعول والآثار الجانبية لمن أخذوا اللقاح على قاعدة «خلينا نجرب فيهم!».

وأنا هنا أريد أن أسال المعارضين والمحرّضين: على أي أساس علمي استندتم؟ وهل كل من أقنعكم بعدم أخذ اللقاح هو خبير وعالم بالفيروسات ولديه أبحاث وتجارب علمية وسريرية؟!. وهل العلماء الذين جابهوا الخطر لإنتاج اللقاح هم «جهلة» أو لهم أهداف سياسية وتغيير جينات البشر؟!... فعلاً «حدث العاقل بما يعقل!».

أعجبتني خطبة الجمعة في الحرم المكي الشريف وما ورد فيها من كلام فصل رداً على التشكيك والتحريض، ويكفي في هذا المقام قول الله تعالى: "مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا".. ونقول للمحرّضين على اللقاح سواء عن جهل أو قصد «اتقوا الله في الناس»، ودعونا نأخذ اللقاح ونتوكل على الله.

صحيح أن ربي خير حافظاً، والأصح أيضاً أن الله دعانا للأخذ بالأسباب.

أما السؤال الأكثر تداولاً فهو «السفر.. السفر.. السفر»، وهل إذا أخذنا اللقاح نقدر نسافر فوراً؟ وهل اللقاح يمنع الإصابة ويعفينا من الفحوصات؟ وهل.. وهل؟ وكأن اللقاح جواز سفر!.

يا جماعة الخير للمرة الألف نقول «لاحقين على السفر»، ثم صحتنا وسلامتنا في الأول والأخير.. بعدين وين تروحون؟ إلى أوروبا وبالأخص لندن (محبوبة الكويتيين) التي عجزت مستشفياتها عن الاستيعاب، وحكومتها تدرس تحويل الفنادق إلى مستشفيات؟ أم إلى دول عربية عادت إلى الإغلاق وحظر التجول؟.. حتى إن الإعلام في لبنان وصف تفشي الوباء «بانفجار كورونا» الأخطر..

يكفي مكابرة وركدوا.. ركدوا من أجل صحتكم وسلامة عيالكم وأهلكم.. انظروا إلى العالم من حولنا وقولوا «الحمد لله لسنا هناك».

اليوم نحن أمام حقيقة مرة ومن دون تهويل أو تخويف.. يا جماعة الخير إن الأمر خطير جداً والوباء يزداد انتشاراً وفتكاً وشراسة، وأرقام الإصابات والوفيات أصبحت بالملايين.. وجاء اللقاح بارقة أمل لنستغلها قبل فوات الأوان.

صحيح أن أخذ اللقاح - كما يؤكد المختصون - ضروري، لكنه لا يغني عن إجراءات الوقاية من لبس الكمام والتباعد والحرص على الالتزام بالإجراءات إلى أن تزول الغمة وتعود اللقاءات والجمعات والأفراح.

وعندي رجاء، ورسالة عتب أيضاً على وسائل الإعلام التي يفترض أن تكون في مقدمة نشر الوعي والتحفيز على التطعيم بدلاً من تصويب سهام النقد وتخويف الناس كما وصفته إحدى الصحف بـ "لقاح الموت"، أو التركيز على البطء في التطعيم، وأخص هنا القبس التي طالعتنا بمانشيت «تطعيم الكويت.. الأبطأ!» (في عدد 12 يناير الجاري).

لست هنا الناطق باسم وزارة الصحة أو محامي الدفاع عنها، بل لدي مئات الملاحظات عليها، وقد ردت الوزارة وعرضت كل مبرراتها، لكن الحق يقال إنه في موضوع اللقاح «الصحة» لم تقصّر، وإنما إعلامها مقصّر.. وكنا نتمنى أن تكون حملاتها التوعوية منتشرة في الشوارع والساحات ومحطات الوقود وتصل إلى الجميع، مثل إعلانات المطاعم والألبسة وغيرها.. فالاعتماد فقط على المؤتمرات الصحافية الرسمية وتلفزيون الكويت والإذاعة لا يكفي لإيصال الرسالة والوصول إلى أكبر قدر من الناس.

ثم إن المقارنة بين الكويت والدول الأخرى لجهة عدد من تلقوا التطعيمات ليست منطقية، فلكل دولة ظروفها وحتى هناك اختلاف في نوع وتركيبة اللقاح والكمية الجاهزة وطريقة التخزين. وهناك دول هي من صنعت اللقاح، لكنها لم تعطه إلى الآن لواحد في المئة من سكانها.

الآن اختباراً لوعينا ومدى اهتمامنا بصحتنا وسلامتنا فإن المسارعة إلى أخذ اللقاح أصبحت واجباً أمام وباء شرس..؟ بادروا وسارعوا إلى أخذ اللقاح وتوكلوا على الله الذي لا تضيع ودائعه..