في الوقت الذي يلتقي فيه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في واشنطن الرئيس الأمريكي جو بايدن، هذا الأسبوع، تكون المباحثات التي دخلت جولتها الرابعة بين العراق والولايات المتحدة تحت عنوان الحوار الاستراتيجي قد وضعت النقاط على الحروف في صيغة العلاقات المقبلة، لا سيما بعد قرار البرلمان العراقي عقب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد، بإلزام الحكومة بمغادرة القوات الأمريكية، وجرى بعد ذلك كلام كثيرعن الجدول الزمني لسحب القوات، فيما لم يرد حتى الآن نص صريح في جولات المباحثات عن ذلك الجدول الزمني، على الرغم من الفقرات التي تخصُّ علاقة جديدة تتضمن الدعم الأمني والتدريب للقوات العراقية التي لا تزال في حرب ضد تنظيم داعش، الذي تقول واشنطن إنه لا تزال هناك أسباب في الواقع العراقي سبق أن أدّت إلى ظهور ذلك التنظيم المتطرف مجدداً.
المنادون بقوة بإنهاء الوجود الأمريكي، باتوا بعد انقلاب المشهد في أفغانستان وصعود طالبان السريع مع الانسحاب الأمريكي، يتحدثون عن ضرورة مغادرة القوات العسكرية وبقاء التعاون الأمني، وهو تعبير أقل حدة، لأنه يعني بقاء القوات القتالية ضمناً، فالتعاون الأمني لا يكون عبر الاستشارات البعيدة بالمراسلات ولا بدّ من وجود «استشاري» على الأرض، وهو الأمر الحاصل الآن من خلال 2500 جندي أمريكي لا يشكلون قوة قتالية بقدر كونهم في موقع الداعم الأمني والاستخباري والتدريبي للقوات العراقية.
إنَّ اللوبي الذي دفع باتجاه قرار البرلمان العراقي لا يعي معنى أن ترفع الولايات المتحدة يدها عن العراق وترجع مطرودة من البلد الذي صنعت بنفسها عمليته السياسية المستمرة حتى اللحظة، ولا أحد يعلم ماذا يمكن أن يحدث في ظل وجود أكثر من مركز قوى مسلح، حين يكون البلد خالياً من القوات الأمريكية.
كما لا يعي ذلك اللوبي معنى أن تخرج إيرادات النفط العراقي عن حماية البنك الفيدرالي الأمريكي، وما مصير الدينار العراقي الذي يعيش ثباتاً تقريبياً في خلال 18 سنة، وأن الليرة اللبنانية التي كانت طوال عقدين من الزمن في وضع استقراري مشابه انهارت بصورة فظيعة بعد الفشل السياسي الذي شلّ عملية تشكيل حكومة جديدة، وهو السيناريو الأقرب للوضع العراقي المُتشابه بقوة مع الوضع اللبناني باستثناء عامل النفط، إذا جرت الانتخابات في ظل أزمة سياسية كبيرة بالداخل وفي ذات الوقت مع الولايات المتحدة، التي لن ترسم خريطة نفوذها الدولي استناداً إلى وجهة نظر فصائل مسلحة في العراق.
التعليقات