طلب مني أن أمد له يدي اليمنى، من دون أن أستشعر السبب.. مددتها، لربما فعلت ذلك فضولاً أكثر من أنه شيء آخر، فجأة وجدته يقرأ كفّ يدي، قال كلاماً كثيراً عن شخصيتي، ولم أكن أريد أن أعرف، لأنني أفهم نفسي بشكل يليق بعقلي الذي أحمله يومياً فوق جسدي.

الأمر الوحيد الذي توقفت عنده حينما قال لي:

ــ يا إلَهي أنت امرأة مُحاربة من الدَّرجة الأولى.

ابتسمت ابتسامة مكسورة، وتضرج وجهي بالدم، وسريعاً ما سحبت يدي منه، ظللت طيلة ذلك المساء أفكر بالرجل الذي حاول أن يشعرني لربما ذكاء منه، بأنه قادر على أن يفهمني أكثر من نفسي، لكنَّه في النهاية قال الحقيقة.

لست وحدي من يعد مقاتلاً من الدرجة الأولى لأي سبب كان، فالحياة والجيران والأصدقاء وأبناء وبنات العمومة تتطلب منا أن نكون على يقظة وبصيرة، وقدرة كاملة للدفاع عن أنفسنا.

نحن نعيش داخل هذا الكوكب لكي نقاتل بعضنا البعض، من دون وجود لغة حوار مشتركة، وأنه يتوجب علينا مرغمين أن نكون رمزاً بطولياًّ في أيّ مشهد من مشاهد الحياة، كل ذلك لكي لا تسحب منا بطاقة الصعود نحو القمة، فنحن حالياً لا نعيش في الجنة الموعودة، ولكن يمكن لنا أن نصل إليها في يوم من الأيام، فالحياة متدفقة، وفي غالب الأحيان هي ليست مطرودة من المشاهد الكبرى في نسقها.

في الأغلب نحن لسنا خيال «مآتة».. نحن حقيقة نعيش داخل غرف متعددة، وفي كل غرفة تظهر لنا شكلاً آخر لأنفسنا، وعلينا أن نبحث دون كلل عن الغرفة التي تتناسب مع ذواتنا المختلفة، وأن ندافع عنها حينما تحاول التخلي عنا من دون سبب.