مثل القرار المشين الذي أصدره البرلمان الأوروبي بشأن دولة الإمارات العربية المتحدة، دعوةً للكراهية وتحريضاً على الانقسام والتفرقة بين شعوب الإنسانية التي ستلتقي قريباً على أرض الإمارات في فعالية ثقافية واقتصادية وتجارية دولية هي معرض الحضارات العالمي المنتظر «إكسبو دبي 2020». وهو قرار رفضته وزارة الخارجية الإماراتية بشدة، موضِّحةً أنه «يتجاهل بشكل كامل جميع الإنجازات المهمة لدولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان».
كما استنكرته منظمات المجتمع المدني العربية وعلى رأسها الاتحاد العربي لحقوق الإنسان الذي رأى ما صدر عن البرلمان الأوروبي تعبيراً عن عدم معرفة بواقع وحالة حقوق الإنسان في دولة الإمارات. وجاء توقيت القرار قبل أيام من انطلاق أكبر حدث عالمي، أي «إكسبو دبي 2020» الذي يشكّل أضخم احتفال عالمي بالإبداع البشري والابتكار الإنساني، وهو فعالية يعود عمرها لأكثر من 150 عاماً، بهدف النيل من الإنجازات غير المسبوقة التي حققتها دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان، خاصةً في استجابتها المتميزة لجائحة كورونا.
لكن قرار البرلمان الأوروبي الأخير ليس الأول من نوعه، إذ سبق لهذا البرلمان أن أصدر سلسلة مواقف حول حالة حقوق الإنسان في دول عربية، مثل البحرين ومصر والجزائر والمغرب.. عكست كلها نظرةً تبسيطيةً وتسطيحية لأوضاع حقوق الإنسان في هذه الدول، كما أبانت عن موقف لا يستند إلى حقائق موضوعية أو حتى إلى تقارير المنظمات الدولية المختصة، بل استند إلى مغالطات وادعاءات مشبوهة توافقت فيها أجندات بعض الأحزاب الأوروبية مع بعض منظمات المجتمع المدني الأوروبية المتأثرة بمعلومات مضللة تصلها على أيدي جماعة «الإخوان المسلمين».
لذا فالمشكلة التي تعاني منها العلاقات العربية الأوروبية (والخليجية الأوروبية) هي تسييس قضايا حقوق الإنسان. لقد وضع قرار البرلمان الأوروبي المسيس العلاقات الإماراتية الأوروبية (ومن ورائها العلاقات الخليجية الأوروبية) على المحك، رغم أن قرارات البرلمان الأوروبي غير ملزمة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي الأخرى، كالمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية..
لكن تكرار صدور القرارات الأوروبية المستندة لملفات حقوق الإنسان يستدعي من الدول الخليجية والعربية تبني خطة عمل تستند إلى العمل المؤسسي الجماعي عبر بناء شبكات اتصال وتواصل من قبل البرلمانات العربية مع جماعات الضغط والمصالح الأوروبية للمساهمة في تقديم الصورة الصحيحة حول أوضاع حقوق الإنسان، ودعوة أعضاء البرلمان الأوروبي لزيارة الدول ومعاينة واقع حقوق الإنسان فيها، مع مراعاة التباينات الثقافية، وبناء علاقات تضع المصالح السياسية والاستراتيجية فوق أي اعتبار، بالتفاهم والتعاون وليس بسياسة الإملاء، إضافة إلى بحث سبل الاستفادة من التجربة الأوروبية في مجال حقوق الإنسان والنأي عن تسييسه، حتى لا يتم تفريغ الملف الحقوقي من غاياته الإنسانية السامية. اليوم، ونحن على أبواب الحدث الإنساني العالمي الأكبر، ستمضي القافلة وستتواصل العقول وسيُصنع المستقبل في دبي، ضمن أكبر احتفاء عالمي بالإبداع الإنساني والابتكار البشري في إكسبو 2020.
التعليقات