تتجدد ذكرى مؤتمر جدة الشعبي في 13 - 15 أكتوبر 2021، فالمؤتمر أنقذ الكويت وطناً ونظاماً من الغزو العراقي الغاشم عبر تسطير التلاحم الوطني الفعلي لكل القوى السياسية والأطياف الاجتماعية مع القيادة السياسية الشرعية بأفضل الصور وأبلغها.

ساد التوجس السياسي لدى دول العالم من حدوث شروخ كويتية بعد خروج القيادة السياسية من الكويت في صباح يوم الغزو العراقي في 2 اغسطس 1990، وانهيار عسكري كويتي مع الساعات الأولى من الغزو وذلك لأسباب سياسية وليس عسكرية.

وثق التاريخ الكويتي والدولي أيضاً، أسباب وظروف الانهيار العسكري الكويتي التام، ولم يعد مهماً اليوم توجيه سهام اللوم نحو المصادر وتحليل ما وراء تلك الكواليس الكويتية سواء قبل الغزو وبعد التحرير، فثمة مسؤولية رسمية لا أتصور يمكن نكرانها.

مضى على مؤتمر جدة الشعبي الكويتي ثلاثة وثلاثون عاماً، ولم ألحظ مبادرة رسمية تحتفي حكومياً بهذا المؤتمر الشعبي، بالرغم من أهميته المحورية كويتياً ودولياً وهو ما يثير استفهامات مشروعة حول هذا الموقف السياسي المبهم!

إنني ألمح بشديد الألم والحسرة مواقف رسمية مضطربة من ذكرى مؤتمر جدة الشعبي وملف الغزو العراقي للكويت، وأخشى أن نصدق بأن ثمة عملاً رسمياً ممنهجاً نحو اقتلاع هذا التاريخ من الذاكرة الكويتية!

قبل فترة، بادرت بالتصدي بصفتي الشخصية لمزاعم روجتها بعض الأصوات والأقلام عن موقف جماعة الإخوان المسلمين في مصر أثناء الغزو العراقي والإدانة المزعومة للمرشد العام للجماعة مصطفى مشهور، بينما تجاوزت الحكومة عمداً كما يبدو هذه المغالطة السافرة!

تجاهلت الحكومة رعاية الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد لمؤتمر جدة ودور ولي العهد ورئيس الحكومة الراحل الشيخ سعد العبدالله قبل وبعد المؤتمر، وهو موقف يسجل ضد رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد، فالمؤتمر حشد القوى الدولية لمصلحة الكويت وتحريرها!

وبمناسبة ذكرى مؤتمر جدة في 2021، أجدد الدعوة لزف بشرى عودة نادي الاستقلال إلى الرمز الوطني الحكيم الدكتور أحمد الخطيب، الذي لا يتطلع إلى تكريمه شخصياً وإنما تكريم تاريخ نادي الاستقلال، لأنه جزء لا يتجزأ من تاريخ الكويت.

اختنقت حناجرنا وجفت محابرنا وتكسرت أقلامنا ونحن ندعو إلى الاحتكام للحكمة في عودة نادي الاستقلال، بينما حكومات متعاقبة وحكومة صباح الخالد ليس استثناء منها لم تكشف حتى اليوم عن المحظور السياسي من عودة نادي الاستقلال، وهو موقف حكومي مريب!

جل ما أخشاه أن يلاقي مصير مؤتمر جدة الشعبي اليوم ومستقبلاً نفس مصير نادي الاستقلال وانتزاعه عنوة من ذاكرة تاريخ الكويت وأهلها، وهو أمر محتمل من حكومة أراها بتقديري، لا تحترم التاريخ ولا الإرادة الشعبية ولا دستور الدولة!

إن المواطنة والانتماء لا ترسخهما بهرجة بذخ الاحتفالات بالتحرير ورفع الأعلام ورغد العيش، وإنما بالأفعال الوطنية وليس الشكلية، فالكويت تزدان بتاريخها الدستوري والعقد الاجتماعي بين الشعب وأسرة الحكم.

بالتأكيد ليس لهذا الوضع السياسي المقلوب مبرراته لا في مراحل سابقة ولا لاحقة، وعلى الحكومة الحالية أن تصحح مسار العمل نحو ترسيخ ثقافة احترام تاريخ الكويت وشعبها سياسياً واجتماعياً وثقافياً.