في الحقيقية تشرفت منذ سنوات في حضور قمة المناخ عام 2013 في (وارسو)، وكان الوفد السعودي المشارك نشيطاً، لكن لم يكن -وقت ذاك- مرتبطاً باستراتيجية حكومية عامة على مستوى الدولة في تبني القضايا البيئية، خصوصاً أن هناك دوافع اقتصادية وبيئية كثيرة تمس المملكة داخلياً وخارجياً في قدرتها على المشاركة في خلق مصادر أخرى للطاقة المتجددة، كما أن هناك تصوراً بأن المملكة مدافعة عن صناعة البترول فقط. الدوافع الاقتصادية للحد من الانبعاثات الكربونية داخلياً كثيرة وأولها استهلاك الوقود المتزايد، لدرجة أن Citibank أصدر تقريراً عام 2011 يحذر من أن المملكة قد تتحول إلى مستهلك للوقود أكثر مما تصدر من مجموع النفط الذي تنتجه خلال عشر سنوات، وكانت الخسارة الاقتصادية للمملكة تقدر بحدود 60 مليار دولار عام 2013، باعتبار متوسط الأسعار 103 دولارات للبرميل، بسبب الاستهلاك المحلي، الذي يعادل استهلاك دولة مثل ألمانيا التي يعادل اقتصادها خمس مرات اقتصاد المملكة، وبعد إصلاحات عام 2016 بخصوص أسعار الطاقة تحسن الترشيد المحلي، ولا تزال المملكة إلى الآن تبيع ما يقارب 350 ألف برميل يومياً لإنتاج الكهرباء بسعر 6 دولارات فقط، كل هذا يبرر لماذا اتخذت المملكة حزمة من الإصلاحات، التي منها رفع حجم الطاقة المتجددة بنحو 50 %. أما النواحي البيئية فلا تقل أهمية عن الجوانب الاقتصادية، فالمملكة بحكم معدلات النمو الاقتصادي والسكاني خلال العقدين الماضيين شهدت زيادة في حجم الانبعاثات الكربونية بلغت الضعف منذ العام 2000 حتى العام 2015 الذي كان الأعلى، ثم انخفضت نسبياً بفضل الإصلاحات الاقتصادية مؤخراً حسب بيانات GCP، لذا لمواجهة هذا الحجم من الانبعاثات كان لا بد من زيادة المساحة المغطاة بالأشجار 12 ضعفاً بغرس عشرة مليارات شجرة كما وعدت المملكة. الأهم في هذا كله أن توجه المملكة منطقي وإيجابي، بحيث إنها تطرح حلولاً تنافسية مثل الهيدروجين الأزرق، الذي يمتلك قدرات تخزين وكفاءة طاقة تفوق الكثير من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، ومن الممكن أن تنخفض تكلفة إنتاجه مع زيادة الاستثمارات، وإن تبني استراتيجية توصل إلى الحياد الكربوني عام 2060 أرى فيها الكثير من الواقعية، إن الصين أضخم مستثمر في الطاقة المتجددة، ويبلغ حجم استثماراتها 30 % من مجموع الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة على مدى العشر سنوات الماضية، إلا أن الوقود الأحفوري ما يزال يشكل 72 % (الفحم 62 %)، والسبب أنه مع زيادة حصة الطاقة النظيفة فإن زيادة الطلب على الطاقة بشكل عام يتسارع أكثر مع النمو الاقتصادي والتقني.

إن المملكة ومع دورها المتجدد في صناعة الطاقة ومشاركتها الدائمة -كعنصر مهم- في تنمية الاقتصاد العالمي عبر تنظيم الإنتاج في منظمة (أوبك) لتفادي أزمة أسعار الطاقة، نجدها شريكة في مواجهة تحديات المناخ أيضاً، وليست مدافعة عن الوقود الأحفوري كما يساء الفهم.