لم تتوقف الاحتفالات بعيد الاتحاد الخمسين، ويجب ألّا تتوقف، ولكل احتفال جوهر وشكل، معنى ومبنى، رؤية وهدف، رفْع العلم، كتابةُ تغريدة، تسطير مقال، إبداع قصيدة، تلحين أغنية، نشر صور المؤسسين والقادة، نشر صور لمدن وقرى الإمارات ما قبل وما بعد، تقديم مبادرة، اقتراح مشروع، تطوع في خدمة الشأن العام، كلها أمور يجب ألّا تتوقف، ولا بد أن تتحول إلى سلوك يومي؛ لأنها تعكس الالتزام بفكرة الاتحاد واستدامته وتجذير معناه وإنجازاته، وتأريخه، وإظهار الفرح بالإنجاز للأجيال الصاعدة، وتحويل الاحتفال إلى إظهار حضارة ومدنية الإنسان الإماراتي، وجدارته في العيش في القرن الواحد والعشرين بثقة واطمئنان، بإبداع وتميز.. أمور نعيشها يومياً، وتتطور مع احتفالية كل عيد، وتصبح أكثر نضجاً وأكثر أناقة وأكثر جمالاً.

ولأن حب الإماراتيين لوطنهم واتحادهم وقادتهم وشعبهم حبٌّ فريد، فيه صدق وشغف واعتزاز، فقد تجاوز حدود الدولة ليجذب انتباه الآخرين، الذين يتمنون لو أنهم من أبناء هذا البلد، ويتمنّون العيش في الإمارات، والعمل فيها، واختيار الحياة الكريمة المستقرة، والأمن والأمان في أنحائها، والتمتع بالتسامح الذي يسود نفوس الجميع، والإحساس بالسعادة، التي هي أكثر من مشاعر تعترينا وتريح أرواحنا، بقدر ما هي إنجازات إنسانية وعمرانية، تقنية وتكنولوجية، بشرية ومادية، ويمكن اختصارها بأنها دولة القانون، فلا يضيع حق أحد، ولا يُظلم أحد، ولا يُحرم أحد من العلاج أو التعليم.

لم تتوقف الاحتفالات بعيد الاتحاد لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويجب ألّا تتوقف، فاليوم الواحد والخمسون على الأبواب، والثاني والخمسون وهكذا، والفارق الزمني بين اليومين أو العيدين هو ملء الزمن بتعزيز حب الإمارات، وبالعمل والمثابرة والانتقال من مرحلة مميزة إلى مرحلة أكثر تميّزاً، ومن مرحلة إنجاز الخطط إلى مرحلة وضع خطط جديدة، ومواصلة رسم الاستراتيجيات ووضع البرامج والمبادرات. فوتيرة تطور العلوم متسارعة، وعجلة الزمن تسير بسرعة قد لا نتخيلها، ومواكبة هذا التسارع ودوران العجلة تتطلب يقظةً عالية على الصعيد الوظيفي والعملي.

القادة من دون شك يدركون هذه المعادلة القيّمة، ووضعوا استراتيجيات قصيرة وبعيدة المدى، ولهذا أعني نفسي وزملائي وأصدقائي وإخوتي من شعب الإمارات، في مواصلة تنفيذ هذه الاستراتيجيات بإخلاص متناهٍ، ومثابرة دائمة، كما عهدناهم منذ إعلان دولة الاتحاد، وكما خبرناهم في كل تحدٍّ، ولكن، كلّما زاد عام على عمر الدولة ازدادت التحديات، وتعاظمت المسؤولية، والعمل هو الضامن الوحيد للمضيّ قدماً في مسيرة البناء والحب والتميز، العمل هو الذي يضمن استمرارية الرفاهية وتحقيق المزيد من الرخاء، والرخاء لا يعني الاسترخاء، هو مضاعفة الجهد والسهر والتضحية، وتعزيز ثنائية الولاء والانتماء، بما تحمله من معاني العطاء والبذل والفخر. والعمل إن شئتم يضاعف البركة ويمنع الحسد ويقوّي الإيمان بالهدف والمصير المشترك.

لتكن احتفالاتنا بالإعلاء من قيمة العمل، والتوجه نحو التخصصات الحديثة التي يتطلبها العصر، ومواصلة الحصول على الدرجات العلمية، فالعلم لا يتوقف عند الحصول على البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، إنما بتحصين هذا العلم والدرجات الأكاديمية بالبحوث والدراسات.

الشعوب المتقدمة هي التي تُعنى بالبحث العلمي، فهو الذي يقود إلى الابتكار والإبداع، وهو الذي يجعلنا نواكب عجلة الزمن السريعة، والتطور المتسارع، ويضمن مشاركتنا في الجهد العلمي والإنساني العالمي، فمع الإنجازات التي حققتها الإمارات، ومستوى المعيشة الذي تحقق للشعب والمقيمين، تستحق الإمارات الانضمام إلى الدول المتقدمة بجدارة، وهذا ليس ادعاءً، إنما حقيقة ملموسة يعرفها القاصي والداني.

لنواصل الاحتفال والاحتفاء بروح متوثبة، كروح الاتحاد الذي سيبقى شامخاً أبد الدهر بإذن الله.