حينما أكون في مكان شعبي، يصرخ الرجل على المرأة منادياً إياها «يا ولية»، وبعد «الولية» تصاغ عبارات عدة، فإذا كنت كاتب سيناريو، وأردت أن تكتب مشهداً يحدث في حارة شعبية، فعليك أن تختار للرجال ألفاظاً تتانسب مع المجتمع الذي يعيشون به! «الولية» هي الكلمة الدارجة في الأماكن الشعبية، وبالتأكيد يمكنك أن تشعر بأن هذه الكلمة، تعني تصغير المرأة، فبينما كنت أبحث عن معنى لهذه الكلمة، ومتى ظهرت في المجتمع العربي، قرأت مصادفة عن مقتل مراهقة صغيرة في إحدى بقاع العالم العربي، حيث لم تتجاوز القتيلة الـ14 من عمرها، جاء ذلك على يد والدها الشهير في برامج وسائل التواصل الاجتماعي.

تجرأ الأب لقتلها، ما أن رآها تقف عند الباب مع شاب، سبق لهُ أن خطبها لكن الأب رفضه، وهو حق مكتسب أن يرفض الأب، وهو آثم حينما يقتل زهرته الصغيرة، لأنها أعطته ذلك الإحساس بأنها لا تهتم لرأيه، بل وتعارضه لرفضه عريساً لها. علينا أن نشعر بالأسى لكل نساء العالم اللواتي يعشن تحت الفكر الذكوري وليست العربية الوحيدة التي علينا أن نتعاطف معها

تم الكشف الطبي على المراهقة الجميلة المقتولة، وأكد التقرير أنها لا تزال عذراء، وقد جاء إعلان عذرية القتيلة، حتى لا يبحث الأب القاتل عن فرصة للهروب من فعلته البشعة، فمن الطبيعي أنه سيحاول بكل الطرق إثبات صحة دوافعه لقتل ابنته، خوفاً من أن تطوق رقبته بحبل الإعدام.

لن أقول أن هذا هو المجتمع العربي الذي لا يريد أن يكرس نفسه للوعي والفهم، وأنه يرى من البطولة أحياناً كسر ضلع الفتاة، حتى لا ينمو في جسدها أربعون آخرون، لا أحد حتى الآن يستوعب فعلياً أن وأد الفتيات بأي شكل من الأشكال، وأدها من الدراسة والتعليم والزواج والحب، هو تاريخ أحمق قد ولى، ولكن من خلال الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، تجد أن مثل هذه الأفعال تحدث في كل مكان في العالم، وربما في أكثر المجتمعات حداثة، حتى في أمريكا، يحدث أن تقتل فيها الفتيات ويحرقن ويغتصبن وبصورة أكثر بشاعة وقسوة.


في الآونة الأخيرة بدأت المرأة تأخذ حقها وتثبت وجودها، وتنافس الرجال في الوظائف والشهرة والتجارة والتعب والكد، نحن علينا أن نشعر بالأسى لكل نساء العالم، اللواتي يعشن تحت ظل الفكر الذكوري، فليست المرأة العربية الوحيدة التي علينا أن نتعاطف معها!