تتزايد المؤشرات التي تؤكد قرب توقيع الاتفاق النووي، فقد عاد كبير المفاوضين النوويين في إيران، علي باقري كاني، إلى طهران لإجراء مشاورات روتينية تتعلق بالمحادثات في فيينا بشأن استعادة الاتفاق، وخطة العمل الشاملة المشتركة.

كما أكد ممثل الاتحاد الأوروبي في المحادثات، أنه لم تعد هناك محادثات على مستوى الخبراء ولا "اجتماعات رسمية"، مشيراً إلى أن ما يتبقى لإنهاء المحادثات هو" قرارات سياسية" وأن الباقي ضجيج. وفي حين انتشرت التكهنات الأسبوع الماضي بأن الصفقة باتت وشيكة، إلا أن شرط اللحظة الأخيرة الذي وضعته روسيا عقّد الآفاق واعتُبر بمثابة حديث عن اتفاق محتمل.

في ضوء العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب حربها على أوكرانيا المجاورة، طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بضمان أنه بموجب اتفاق إيران الجديد، لن تعيق هذه العقوبات العلاقات التجارية والعسكرية بين روسيا وايران، أي ضمان ألا تمس هذه العقوبات بأي شكل من الأشكال نظام العلاقات التجارية - الاقتصادية والاستثمارية المنصوص عليها في خطة العمل المشتركة الشاملة.

ورأت الصحف الإيرانية أن هذه الخطوة دليل على أن روسيا "تأخذ رسمياً رهينة" الاتفاقية المحتملة وتلعب "ورقة إيران" في توتراتها مع الغرب. وهو ما يعد إحراجاً لحكومة رئيسي والتي تراهن على علاقتها بروسيا في مواجهة الغرب.

ومن المحتمل أن تكون روسيا بحاجة إلى إطالة أمد التوترات في المنطقة، بخاصة التوترات بشأن الملف النووي، حتى تتمكن من صرف أنظار العالم عن مقاربتها للشؤون الإقليمية كما أنها تريد استخدام إيران كورقة ضغط ضد إدارة جو بايدن في ظل مسعى الرئيس الأميركي للانتهاء من الملف النووي الإيرانى.

ومع ذلك، تسير إيران على خط رفيع، حيث تتخوف من إلحاق الضرر بالعلاقات مع روسيا في أعقاب الجمود الذي أصاب فيينا بسبب طلب موسكو، إذ أكد وزير الخارجية الإيراني أن العقوبات الغربية يجب ألا تؤثر في العلاقات الروسية الإيرانية. كما أشار عبد اللهيان إلى أنه لن نسمح لأي أحداث خارجية بالتأثير في مصالحنا الوطنية في مفاوضات رفع العقوبات.

وقد فاجأ إعلان لافروف الأطراف الأخرى الذين كانوا يأملون بألا يتدخل الغزو الروسي لأوكرانيا والجولة اللاحقة من العقوبات الغربية في المفاوضات بين إيران والدول الغربية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. لاسيما أن الملف الإيرانى كان ينظر إليه على أنه أحد الملفات التى تتعاون فيها كل من روسيا والولايات المتحدة.

ولكن يظل أمام إيران تحدٍ له علاقة بمصطلح المصلحة الوطنية والتي أشار إليها عبد اللهيان، تصريحه هذا يوضح أن لطهران مصلحة في إحياء الاتفاق ورفع العقوبات، لا سيما أن رفع العقوبات تستهدف منه إيران الاندماج فى الاقتصاد الدولي والذي تحاول من خلاله أن تكون إيران مفترق طرق بين مختلف المبادرات الجيو-اقتصادية الآسيوية الأوروبية، مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

كما تتشارك مع روسيا والصين رؤيتهما للنظام الدولي والذي ينتقل من أحادية الولايات المتحدة إلى تعددية الأقطاب، والتي تحددها صعود القوى الآسيوية مثل الصين.

كل ما سبق يفسر معنى المصلحة الوطنية فى رفع العقوبات، التي أشار إليها عبد اللهيان.