أحسن لاعب الإسكواش المصرى العالمى، على فرج، حين ذكّر العالم بالقضية الفلسطينية في جملتين حملتا «المختصر المفيد»، حين قال إنه لم يكن مسموحًا لنا كرياضيين بالتحدث في السياسة، والآن أصبح مسموحًا لنا من أجل الدفاع عن أوكرانيا، في حين أن هناك قضية أخرى عمرها 74 عامًا، هي القضية الفلسطينية، غير مسموح لنا بالتحدث فيها، ويجب أن يتذكرها العالم.
ميزة ما قاله اللاعب المصرى أنه خاطب صوت العدالة الكامن هناك في جملتين، ودون خطبة عصماء يمل منها الناس، أو تتجاهل مأساة الشعب الأوكرانى لصالح القضية الفلسطينية، إنما وضع مسطرة واحدة للحكم، وهى رفض أي احتلال أو عدوان على أي دولة ذات سيادة.
وهنا ليس مطلوبًا تجاهل المآسى التي خلّفها الهجوم الروسى على أوكرانيا ولا المعاناة التي يعانيها الشعب الأوكرانى، إنما وضع مسطرة واحدة، أو شعار العدالة معصوبة العينين، التي لا تميز بين دولة أوروبية وغير أوروبية، غنية أو فقيرة.
مدهش أن تحشد الولايات المتحدة دول العالم كله ضد الهجوم الروسى على أوكرانيا، وتعتبره، وهى مُحِقّة، عملًا مخالفًا للشرعية الدولية، وفى نفس الوقت تكون هي الدولة التي قامت بغزو العراق في 2003 دون أي شرعية دولية. هذا التناقض دفع دولًا ومجتمعات كثيرة في العالم إلى رفض الدروس الأمريكية في الالتزام بالشرعية الدولية.
والحقيقة أن قصة الخلط بين الرياضة والسياسة يجب أن تميز بين مسألتين، الأولى هي تدخل الرياضة في صراع حزبى أو سياسى أو كونها طرفًا في استقطاب محلى أو دولى، حيث يجب أن تنأى بنفسها عن هذه المعارك والتفاصيل السياسية، أما المسألة الثانية فهى دفاع الرياضيين عن قيمة عليا ورسالة إنسانية في السياسة والاقتصاد، فهذا أمر يجب قبوله لأنه يحدث فيما يتعلق بالقضايا الغربية، التي بعضها بلا شك أصبح له طابع إنسانى عالمى، مثل رفض العنصرية في الرياضة والسياسة أو الجلوس على الطريقة الأمريكية قبل بدء مباريات كرة القدم، بالتذكير بمسألة الانصياع لإرادة الشعب ورفض الاعتداءات التي تعرض لها الأمريكيون من أصل إفريقى، وجاءت الحرب في أوكرانيا لتحول الملاعب الأوروبية إلى منصات تضامن مع الشعب الأوكرانى ومع قضيته، دون أن يعتبر أحد أن هذا خلط بالسياسة.
المطلوب هو توحيد المسطرة، أي أن تكون صور التضامن مع أي قضية عادلة في أي مكان في العالم حاضرة أيضًا في الملاعب الغربية، ومنها القضية الفلسطينية، وهذا ربما قيمة ما ذكره اللاعب المصرى من اعتبار العدل وعدم التمييز قيمة إنسانية عليا.
سيبقى قرار الاتحاد الدولى والاتحاد الأوروبى باستبعاد الفرق الروسية من كأس العالم والمسابقات الأوروبية قرارًا خاطئًا، وهنا الخلط الحقيقى بين الرياضة والسياسة، وليس التضامن مع الشعب الفلسطينى أو الأوكرانى.
التعليقات