إذا فكر الشعب اليمني في إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السيد هانس غروندبرغ، ببدء هدنة يتم من خلالها وقف أشكال العمليات العسكرية كافة بالداخل اليمني وعلى الحدود السعودية- اليمنية، وإعلان الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية في اليمن بقبول الهدنة، وهي المتوافقة مع المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل والمعلنة في شهر مارس 2021م.

- لو فكر الشعب اليمني، فإن هذا العرض وبنود الهدنة لا يكون حدودها فقط وقف الحرب والعمليات العسكرية التي تتم في معظم الأراضي اليمنية، بل هي صيغة جديدة للحياة في اليمن التي لا تعرف الراحة والاستقرار من الستينيات الميلادية، وهي في صراع لا يتوقف، والذي يدفع فاتورة الحروب هو الشعب والاقتصاد والتنمية اليمنية.

في السجل الشخصي لكل يمني داخل وطنه إرث كامل من الحروب والقتال طوال 60 سنة الماضية، وهذه الحروب السابقة لم تبقِ لليمن فرصة لتنامي المشروعات الاستثمارية، فالحرب بين الإقليم والمدن والمذاهب والولاءات القبلية، نزاعات لا تنتهي، آخرها الانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية عام 2014م، وهناك حقيقة شاخصة على الأرض لا يلقي لها بال الشعب اليمن، وهي أن من يكون جغرافياً محاصراً بالمياه، عليه أن يتصالح مع الجهة اليابسة البرية، لأنها تشكل له البوابة إلى الجوانب الحضارية والتنموية، وفي هذه الحالة تعد السعودية المعبر التنموي والحضاري الأكبر، تنوع واسع من الثقافات وأنماط المعيشة، والموقع الجغرافي للسعودية يستطيع ربط اليمن بدول الخليج العربي والعراق والأردن وسورية ومصر وتركيا ولبنان ودول أوروبا.

فاليمن يحده من الغرب البحر الأحمر ومن خلفه دول شرقي أفريقيا: إرتيريا وجيبوتي والصومال، وهذه دول تعيش وضعاً اقتصادياً صعباً مشابهاً لليمن، كما يحدها من الجنوب بحر العرب والمحيط الهندي، ومن الشرق سلطنة عمان، أما من الشمال فتحدها المملكة العربية السعودية بطول خط حدودي يبلغ 1327 كيلومتراً، وهنا أهمية استثمار المرحلة والتنمية مع دولة اقتصادها مرتفع بمصاف الدول الكبرى في المجال السياسي والاقتصادي، وبالتالي الاندماج مع دول الخليج والشرق الأوسط هو مطلب استراتيجي، بدلاً من العيش بالفكر وثقافة الماضي والتاريخ، فاليمن متوقف عن المواكبة والتواصل الاقتصادي والتنموي، ويعيش أزمنة الماضي، في حين أن الدول من حول اليمن أعادت تشكلها ودخلت في الزمن الحديث، وأصبحت تتلاقى مع عالم التقنية ومفردات العصر، تفككت وتباعدت عن دوائر الرتابة والأنماط التي لا ترى إلا الحروب وسيلة للتعبير.