يستضيف مجلس التعاون الخليجي اللقاء التشاوري اليمني الذي يمكن أن يكون نقطة تحول مهمة في الطريق إلى السلام، إذا أراد المشاركون فيه ذلك، وانخرطوا في الحوار بعزيمة صادقة ومخلصة لمصلحة اليمن، فوق الاعتبارات الشخصية والحزبية والقبلية، فقد دعا مجلس التعاون لهذا اللقاء نحو 400 شخصية من الرسميين والبرلمانيين وممثلي الأطياف السياسية المختلفة، بما في ذلك جماعة الحوثيين وأنصارهم، والمستقلون والخبراء الاقتصاديون والقانونيون والإعلاميون، وقادة الفكر والمجتمع اليمني.
ويسعى مجلس التعاون من خلال المشاورات المنتظرة، إلى حث الأطراف على وقف إطلاق النار، وتفعيل العملية السلمية تحت رعاية الأمم المتحدة وبدعم من دول مجلس التعاون الخليجي، لتعزيز مؤسسات الدولة واستعادة الأمن والاستقرار والسلام، وتأكيد موقف مجلس التعاون من أجل إنهاء الأزمة اليمنية سلمياً، دور مجلس التعاون في هذه المشاورات هو تيسيرها، وتقديم المشورة متى ما طُلب منه ذلك، وعلى الرغم من التصعيد خلال الأسابيع الماضية في هجمات الحوثيين على الأهداف المدنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تمت دعوتهم لمشاورات الرياض، إيماناً من دول مجلس التعاون بالحاجة إلى إنهاء حالة الحرب، وتهيئة الأجواء المناسبة لاستئناف المفاوضات.
هذه ليست مفاوضات رسمية، فتلك تتولاها الأمم المتحدة حالياً؛ بل يهدف اللقاء إلى توفير الأجواء المناسبة لحوار (يمني - يمني) بَنّاء، لمناقشة الوضع الراهن في اليمن، وسبل إعادة اليمن من وضع الحرب والدمار الذي يعيش فيه إلى حالة السلم والبناء، فالهدف الرئيس هو مساعدة المشاركين في اللقاء على إجراء مقاربة مشتركة للأوضاع الراهنة في اليمن، على عدة محاور؛ سياسية، وأمنية، واقتصادية، وإنسانية، واجتماعية، وإعلامية، تليها مناقشة واقعية للتحديات التي تواجه اليمن في كل محور.
في الحقيقة، مع كثرة الفعاليات التي عُقدت خلال السنوات الخمس الماضية، ونظمتها المؤسسات اليمنية المختلفة والأمم المتحدة والدول العربية والغربية ومجلس التعاون، لم تُعقد مشاورات على هذا النحو من حيث سعة نطاقها وشموليتها لكافة الأطياف السياسية والاجتماعية اليمنية، وتطرقها لكافة المواضيع التي تشغل المواطن اليمني. هذه الحقيقة وحدها تجعل مشاورات الرياض في غاية الأهمية، ولكن ثمة -أيضاً- حالة طوارئ تتطلب سرعة التدخل، بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للمواطن اليمني، واستمرار الحرب منذ نحو 8 سنوات.
خلال العقود الماضية، كان مجلس التعاون هو الشريك الاقتصادي الأول لليمن، ومصدر نحو 80 % من الاستثمار المباشر. ولا شك في أن التكامل بين اليمن والخليج أمر حتمي، سيتم استكمال خطواته حالما يصل اليمنيون إلى الحل السياسي المنشود، ولهذا فإن المشاورات اليمنية التي يستضيفها مجلس التعاون تسعى إلى توظيف هذه الشراكة، لتسهيل وصول الأشقاء إلى آليات تساعد على الخروج من مأزق الحرب والتدمير، أولاً بتوفير المساحة المناسبة والآمنة لمداولاتهم بحرية، وثانياً بدعم التوافق الذي تتوصل إليه المشاورات.
قوبلت دعوة مجلس التعاون الخليجي بترحيب الأمم المتحدة والحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي، والتي اشترطت مرجعيات الحل الثلاث، وهو ما ترفضه جماعة الحوثي منذ سنوات مع رفض واضح للمشاركة في مشاورات بين الأطراف اليمنية تستضيفها الرياض.
التعليقات