بصدور الأمر الملكي السامي بفضّ دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب في (10 مايو 2022م)، انتهت أعمال السلطة التشريعية بعد أربع سنوات من الشدّ والجذب السهل الممتنع، تحقَّقت خلالها بعض الإنجازات التي تُحسب للنواب، وإنجازات أخرى تُحسب للحكومة في إطار التوافق الهادئ بين الطرفين في ظلّ ما خيَّم على العالم من تداعيات جائحة كورونا؛ فاستطاعت الحكومة بالتعاون السلطة التشريعية وجميع المواطنين من عبور الأزمة المالية بأمان وحكمة وبُعد نَظَر حَقّق للوطن والمواطنين الأمن والاستقرار المجتمعي وسجَّلت البحرين تطورًا متقدمًا في خطط التوازن المالي وتنفيذ أهدافها.

ونحن اليوم أمام مستقبل ورؤية جديدة وإدارة جديدة للسلطة التنفيذية برئاسة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي يؤكِّد دائمًا على نهج التطوير المتماشي مع أهداف المسيرة التنموية الشاملة بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدَّى حفظه الله ورعاه، ذلك النهج الذي يضع في الاعتبار دائمًا وأبدًا مصلحة حاضر ومستقبل البحرين وتحقيق التنمية والرخاء والأمن والاستقرار، والإصرار على استمرار التطوير والتحديث بدعم الإبداع والتميّز في مختلف المجالات، والمواصلة بعزم وعزيمة أبناء الوطن لبناء غدٍ مشرق للأجيال القادمة تتحقَّق فيه طموحاتهم وتطلعاتهم.

وفي هذه المعادلة أصبح (المواطن) في رؤية صاحب السمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء هو أساس العمل، ولأجله توجَّه كل الاستراتيجيات والخطط التنموية، وتتناسب جميع الإصلاحات وخطط التطوير مع خصوصية المجتمع البحريني وهويته الجامعة؛ فالمنطلق الحقيقي نحو كل إصلاح هو التوافق الوطني باعتباره نهجًا حضاريًا وتوجّهًا بحرينيًا أصيلاً يُعبِّر عن تماسك المجتمع البحريني كأسرة واحدة.

وتطلَّبت تلك الرؤية استكمال الخطوات والخطط الاستراتيجية التي وصلت بالبحرين إلى درجة متقدمة في سلم الدول التي تمكَّنت من تجديد اقتصادها وبناءه على أسس جديدة راسخة للأجيال القادمة؛ ولهذا يحتل ملف الأمن أهمية كبيرة أمام الحكومة؛ لأن الدفاع عن أمن البحرين وحفظ حقوق المواطنين والمقيمين في مقدمة الأولويات؛ فالدفاع عن أمن الوطن من الأخطار الخارجية وحفظ نمو اقتصاده هو عمود العمل الذي يساعد على تنفيذ خطط التنمية في كافة قطاعات المملكة.

ولا شك بأن ذلك الأمر يتطلَّب استمرار التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يجب على مجلس النواب المقبل أن يضع نصب عينيه كل المتغيرات والمستجدات على الأصعدة كافة وبأن البحرين أولاً في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين، كما يجب على المواطن حُسن الاختيار حين يذهب لصناديق الاقتراع لتشكيل مجلس نواب الفصل التشريعي السادس بوعي وإرادة حُرَّة، خصوصًا وأن المواطن البحريني لديه من الثقافة السياسية والانتخابية الكثير بعد التجربة الديموقراطية الممتدة على مدى العشرين سنة الماضية، والتي أكسبته خبرة ومنحته رؤية واضحة تساعده على اختيار الشخص المناسب لهذه المسؤولية الشعبية.

لذا؛ فمن واجب المواطنين تجاه الوطن المشاركة في (انتخابات 2022) سواء بالترشُّح أو الانتخاب، والعمل على تشكيل مجلس نواب قويّ بأعضاء متمكّنين وذوي خبرة وكفاءة من جميع القطاعات الاقتصادية والمالية والثقافية والقانونية والتكنولوجية وغيرها؛ فالمرحلة المقبلة تتطلَّب وجود نواب بكفاءات عالية وبعيدين عن ولاء وصراعات الجمعيات السياسية.

وفي المقابل، تتطلَّب المرحلة القادمة وجود جهاز حكومي قادر على مواكبة المستجدات المتسارعة على مختلف الأصعدة، فالعالم يتطور بصورة سريعة خاصة في مجالات التكنولوجيا الرقمية والأمن السيبراني والسحابي، ومملكة البحرين بفضل توجيهات ومساندة قيادتها الحكيمة لم تكن بعيدة عن مواكبة هذا التطور السريع، فقد كانت سبَّاقة في دخول عالم تقديم خدمات الإنترنت عن طريق الفضاء، وأصبحت أول دولة تمنح رخصة تقديم خدمات ستارلينك الفضائية والإنترنت لشركة الصواريخ الفضائية سبيس إكس المملوكة للملياردير إيلون ماسك والتي وقَّعت اتفاقًا تجاريًا مع شركة أنفوناس للاتصالات في (27 أبريل 2022م).

تلك كانت أفكار عامة لمستقبل العمل النيابي والحكومي في مملكة البحرين الحبيبة، ومن أجل بناء وطن نتطلَّع إليه بعيون ملؤها الفخر والامتنان، فإلى وطني وقيادته وشعبه وترابه الذي نسقيه من دمائنا كل الحب والوفاء.