من الصعب أن نتصور عملا أكثر أهمية من مهارة التخطيط المالي لأي شخص يود تأسيس مشروعه الخاص، لن تمضي فترة بسيطة على أي منشأة أو رائد أعمال حتى يبحث عن أموال لإطلاق مشروعه أو للتوسع، إن رحلة بحثك عن التمويل تتطلب الإلمام بالخطة المالية، وتكمن أهميتها في أنها تبين فهمك لموقفك المالي ومعرفة المهتمين بتمويل أعمالك وتحديد أفضل مصادر التمويل سواء كمستثمرين مباشرين عبر ضخ أموال وتحملهم المخاطر معك أو عبر مؤسسات مالية حكومية وتجارية تعتمد على ضمان إعادة الأموال وتدرس مخاطر منشأتك قبل منحك التمويل وقدرتك على إعادة الأموال.
التمويل ليس مجانيا ويأخذ أشكالا متعددة من التكاليف، فالتمويل من المصارف والمؤسسات المالية أو من تطبيقات إقراض الأموال يعتمد على سعر الفائدة وإعادة القروض، لهذا فالخطة المالية تساعدك على اختيار أفضل قرض من حيث سعر الفائدة والزمن وشروط السداد ومدى ملاءمتها أعمال منشأتك، أما التمويل من مستثمرين وبرأسمال مغامر أو ملائكي، سواء كانوا أفرادا أو صناديق فالتكاليف محسومة من نجاح مشروعك، أي إن المستثمرين في مشروعك سيحصلون على أرباحهم من التخارج في مراحل مقبلة أو الاستمرار معك بملكية حصة في منشأتك مع تحملهم مخاطر فشل مشروعك أو جني نجاحاته، هذا النوع من المستثمرين يحرص على تفاصيل تتعلق بك شخصيا من حيث قدرتك وخبرتك وتفاصيل العمل ثم توجيهك للنجاح من واقع خبراتهم بعد قناعتهم بالمشروع.
وهناك نوع آخر من طرق التمويل ويعد الأحدث في اقتصادنا ومن نتائج تطوير القطاع المالي في رؤية 2030، منصات الإقراض الجماعي ومنصات الاستثمار الجماعي وهي منصات من ابتكارات التقنية المالية لمساعدة الأفراد على تمويل مشاريعهم، أي إنها أساليب لحشد القروض للشركات ورواد الأعمال من المجتمع أو شراء حصص في ملكية شركات جديدة أو قائمة.
تؤدي دراسة احتياجاتك الفعلية للتمويل ومنح نفسك الوقت الكافي للتعمق في دراسة القطاع والمنشآت المماثلة لمشروعك على المستويين المحلى والعالمي إلى كتابة خطة مالية محكمة تجيب عن أسئلة الخطط المالية، مثل ما التكاليف وطرق تمويلها والتدفقات النقدية والأرباح، أي إنها خطة للموازنة بين التدفق المالي والصرف، وتفاصيل الخطة تختلف بحسب عمر المنشأة، فالمنشآت القائمة تبحث عن التطور والتوسعية ولديها بيانات تاريخية موثقة وغالبا تبحث عن التمويل الرأسمالي، أي: قروض للتوسع وتقاس مخاطرها بجودة التدفق المالي، أما الخطط المالية للمنشآت الجديدة تبحث عن ممولين أكثر قدرة على تحمل مخاطر الأعمال الجديدة.
أخيرا: تقدم الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" برامج وخدمات تسهم في رفع مستوى الوعي التمويلي لدى رواد الأعمال وأصحاب المشاريع قبل أن يتم ربطهم بالبرامج التمويلية، مثل بوابة التمويل وبرامج الإقراض غير المباشر، لهذا فإن الاطلاع على الوعي التمويلي لدى الهيئة قبل التوجه للتمويل مباشرة يساعدك على اختيار الممولين.