انهارت حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية غير المسبوقة بشكل مؤسف الأسبوع الماضي. لماذا يجب أن تهتم؟ لأنه من نواح كثيرة، فإن ما يزعج السياسة الإسرائيلية اليوم هو مجرد نسخة من الحزبية المفرطة التي أصابت السياسة الأميركية. إن عقلية «النصر بأي ثمن» لليمين المتطرف بزعامة ترامب - والتي تم وصفها بوضوح في واشنطن يوم الثلاثاء خلال شهادة «كاسيدي هتشينسون» أمام لجنة 6 يناير - هي جزء من اتجاه أوسع نطاقاً للقيم المناهضة للديمقراطية بشدة والتي تتعارض مع ما يتطلع إليه الكثير من الأميركيين والإسرائيليين. إذا ساد هذا الاتجاه، فسيمزق كلا المجتمعين، وهذا هو السبب في أن روح الديمقراطية الإسرائيلية وروح الديمقراطية الأميركية تهيمن على الاقتراع في الانتخابات القادمة.
في خرقٍ لكل الاتجاهات السياسية الأخيرة - وفي أعقاب ثلاثة انتخابات غير حاسمة في غضون عامين - قامت إسرائيل بشيء مهم قبل عام: لقد شكلت تحالف وحدة وطنية حاكماً لم يشمل لأول مرة اليهود الإسرائيليين من اليمين واليسار فحسب، بل أيضاً حزب إسلامي عربي إسرائيلي فاز بأربعة مقاعد في البرلمان في انتخابات مارس 2021.
تخيل لو أن جو بايدن، وميت رومني، وليز تشيني، ولاري هوجان، وليزا موركوفسكي، وتشارلي بيكر، والأدميرال المتقاعد بيل ماكرافين، وجو مانشين، وإيمي كلوبوشار، ومايك بلومبرج، وجيم كلايبورن، وميشيل لوجان جريشام، كانوا جميعاً في نفس الوزارة، فسيكون لدينا نظير أميركي تقريبي لحكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية التي انهارت للتو. أعتقد أن هذه الأنواع من ائتلافات اليسار واليمين والوسط – التي تتخذ قرارات عملية وتقوم بمقايضات تتجاوز الأقطاب الأيديولوجية المعتادة - هي الطريقة الوحيدة للحكم الفعال للديمقراطيات في عصر التغير التكنولوجي والديموغرافي والمناخي السريع.
ما لم يتجه اليسار واليمين نحو الوسط لإيجاد طريقة للحكم معاً في إسرائيل والولايات المتحدة، فإن كلا البلدين سيصاب بالركود، حيث ثبت أن مواطنيهما وقادتهما غير قادرين على الاضطلاع بالأمور الكبيرة والصعبة - من التعليم إلى الهجرة إلى السياسة الصناعية – التي من الضروري أن تزدهر في القرن 21. اليوم، يتم بذل قدر كبير من الطاقة إلى أحزابهم الرئيسية للقيام بعمل بعضهم البعض والتراجع عنه. على الرغم من استمراره لمدة عام واحد فقط، فقد تمكن تحالف الوحدة الإسرائيلي من تمرير ميزانية وطنية في شهر نوفمبر، والتي حققت توازناً بين مجموعة واسعة من المصالح.
قد يبدو هذا ضئيلاً، لكنها كانت أول ميزانية وطنية لإسرائيل تستند إلى الأولويات الوطنية منذ أكثر من ثلاث سنوات. والأكثر من ذلك، كان ائتلاف الوحدة قادراً على إثبات أن اليهود الإسرائيليين والعرب يمكن أن يحكموا معاً بهدوء - وهو تقدم تاريخي. كما أعطت حكومة بينيت الإسرائيليين إجازة قصيرة من الانقسام الذي روج له رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وحلفاؤه المتشددون.
أما نتنياهو، فهو يُظهر نوعاً آخر من القيادة، إنه تماماً مثل دونالد ترامب. في الواقع، فإن نتنياهو وترامب شقيقان سياسيان من أمهات مختلفة. لقد شن نتنياهو وأتباعه هجوماً قاسياً على أعضاء حزب بينيت الذين شاركوا في ائتلاف الوحدة الوطنية، مما أدى في النهاية إلى انفصال عدد قليل منهم لإسقاط الحكومة. ولكن فقط لإكمال سخريته، أسقط نتنياهو الحكومة من خلال قيادة تصويت ضد تجديد النظام القانوني ذي المستويين الذي يسمح للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بالعيش في ظل القانون المدني الإسرائيلي، بدلاً من العيش في ظل القانون العسكري الذي تحكم إسرائيل بموجبه الفلسطينيين.
لقد كان يتم تجديد هذا النظام ذي المستويين بانتظام، ولا يمكن لدائرة نتنياهو الاستيطانية أن تعيش بدونه. لكن لحرمان حكومة الوحدة من القدرة على الحكم، حشد نتنياهو التصويت ضدها. كان شعار بينيت الضمني، «لدينا دولة نديرها»، بينما كان شعار نتنياهو، «لدينا حكومة يجب إسقاطها». وعلى الرغم من أن حكومتهم استمرت لمدة عام واحد فقط، أظهرت أن ما يبدو مستحيلاً كان ممكناً، وقد قدر الكثير من الإسرائيليين ذلك بهدوء. هذا الواقع - والحسابات الجديدة للسياسة الإسرائيلية - يوحي لي أنه يمكن أن يعود يوماً ما.
ما هي الحسابات؟ ليس لدى أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط في إسرائيل ما يكفي من الأصوات معاً لتحقيق أغلبية حاكمة بسهولة. لكن أحزاب اليمين ليس لديها من الأصوات ما يكفي أيضاً. في الماضي، كانت الأحزاب الدينية الإسرائيلية تبيع نفسها بالمزاد العلني لائتلافات اليسار واليمين - لتلقي بأصواتها وراء أي ائتلاف يقدم أكبر تمويل للمدارس الدينية الأرثوذكسية. لكن بفضل نتنياهو ورفاقه، أصبحت الأحزاب الدينية في إسرائيل متطرفة ولن تشكل بعد الآن حكومات مع يسار الوسط، الذي يستاء بشكل متزايد من الاضطرار إلى شراء الأحزاب الأرثوذكسية. فمن الذي جاء ليحل محل الأحزاب الدينية اليهودية؟
إنه حزب إسلامي عربي إسرائيلي. تجنب معظم عرب إسرائيل اللعب داخل السياسة الإسرائيلية. لقد أنشأوا أحزابهم اليسارية المتطرفة المؤيدة للفلسطينيين، والتي عادة ما تتجنبها الأحزاب اليهودية كشركاء. لكن العرب يشكلون حوالي 21% من إسرائيل. مع انقسام اليهود بالتساوي، فإن العرب الإسرائيليين لديهم القدرة على أن يصبحوا الصوت المتأرجح الجديد واستخدام هذه القوة للحصول على مزيد من التمويل لمدارسهم وبلداتهم والشرطة. لخص الفيلسوف الديني في الجامعة العبرية موشيه هالبيرتال الأمر كله بالنسبة لي: ائتلاف الوحدة الوطنية الإسرائيلي «كان إنجازاً واعداً للغاية للحكم المشترك بين العرب واليهود في إسرائيل. لا أحد يستطيع محوه، حتى مع كل الضغوط القومية المتطرفة التي تصور عرب إسرائيل كطابور خامس. لذا يتعين الآن على الناخبين الإسرائيليين أن يقرروا: هل يريدون دولة شاملة وقادرة على تقديم الاحترام والكرامة لجميع مواطنيها أم دولة تقوم على إنكار الآخر؟».