نمت سوق المنتجات المقلدة Counterfeit Goods بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية في العالم، ويظهر أحدث التحليلات، وفقا لتقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومكتب الاتحاد الأوروبي للملكية الفكرية في 2019، أن قيمة هذه السوق تبلغ 3.3 في المائة من التجارة العالمية، بما مقداره 509 مليارات دولار، ويتوقع أن الرقم وصل إلى نحو 560 مليار دولار حاليا، ونعتقد أن الأرقام أعلى بكثير. وتزدهر هذه الصناعة لأن طبيعة سوق المنتجات المقلدة تجعلها عابرة للحدود بينما يعد تعقب التزوير والقرصنة ومكافحتها أمرا صعبا للغاية.

ويعزو السبب الرئيس وراء انتشار المنتجات المقلدة إلى أنه صناعة مربحة للغاية لمموليها، حيث تباع المنتجات المقلدة عموما بسعر أقل من الأصلية، بينما لا يزال مصنعو هذه المنتجات يحققون أرباحا عالية لأنهم لا يتحملون الأعباء والتكاليف نفسها التي يتحملها المصنعون الأصليون.

وتمثل المنتجات المقلدة أمثلة كثيرة - حسبما ورد في التقرير - مثل: الأحذية والملابس والمنتجات الجلدية والأجهزة والمعدات الكهربائية والساعات والأجهزة الطبية والعطور والمجوهرات والأدوية وقطع غيار السيارات ولعب الأطفال والعلامات التجارية للأغذية ومستحضرات التجميل.

وقد ينجم الحريق عند استخدام الأجهزة الإلكترونية ذات الأسلاك الرديئة ومخاطر المواد الكيميائية الرديئة في مستحضرات التجميل وحليب الأطفال.
إن تجارة التقليد العالمية هي صناعة بمليارات الدولارات تؤثر في المستهلكين والشركات على حد سواء، وتعرض المنتجات المقلدة مخاطر متعددة لصحة وسلامة المستهلكين وربما تكون خطيرة بشكل خاص إذا كانت تشتمل على منتجات صيدلانية أو أجهزة طبية، بل يمكن أن تضر المنتجات المقلدة بالمستهلكين بسبب التصنيع المعيب أو عدم الالتزام بمعايير السلامة المطلوبة.

على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي مكابح السيارات المزيفة إلى حوادث مميتة عندما لا تعمل بالشكل المطلوب، أو حرائق بليغة في البيوت إذا استخدمت مقابس كهربائية مقلدة.

وتعمد شركات السلع المقلدة إلى سرقة الملكية الفكرية من الشركات الشرعية، وهذا بالطبع يضر بالابتكار والاستثمار في البحث والتطوير في تلك الشركات.

وقد تؤدي إلى فقدان الدخل لأن عديدا من هذه المنتجات لا تفي بمعايير العلامة التجارية الخاصة بالمتانة والموثوقية، وبالتالي الإضرار بالجودة والإساءة إلى سمعة الشركة حيث يربط الناس السلعة المقلدة بالعلامة التجارية.

وقد يكون له تأثير مدمر في أداء الصناعة الأصلية ونموها ما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات والأرباح لأصحاب العلامات التجارية إذا تركت صناعة المنتجات المقلدة دون رادع، وكل ذلك سيقلل من أداء النشاط الاقتصادي والنمو الإجمالي وأعداد الوظائف.

وفي حين أن معضلة المنتجات المقلدة عالمية، تظل الصين المصدر الرئيس للمنتجات المقلدة، حيث أشارت تحليلات عدة تقارير صادرة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن 55 في المائة من المنتجات المقلدة العالمية مصدرها الصين، بينما تمثل هونج كونج 27 في المائة من تلك المنتجات. ووفقا لتقارير التحليلات نفسها، فإن الصين تعد أيضا الطريق التجاري الرائد للمنتجات المقلدة التي تشحنها السفن، حيث تمثل 70 في المائة من الإجمالي العالمي، ويمثل المغرب المركز الثاني بفارق كبير بحصة 6 في المائة، بينما تأخذ تركيا 4 في المائة من هذا المقياس، وبقية النسب من دول مختلفة.
إضافة إلى ربحية سوق المنتجات المقلدة، فقد دفعت عدة عوامل في نمو هذه الصناعة.

على سبيل المثال، التقدم التقني، حيث يمكن للمبتدئين إنتاج نسخ عالية الجودة من المنتجات بفضل التقنيات المتقدمة، وقد يجعل من الصعب على المستهلكين التمييز بين المنتجات الأصلية والمقلدة. وكذلك زيادة الاعتماد على التجارة الإلكترونية مثل الشراء عن طريق المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث سهل التسوق عبر الإنترنت القيام بأعمال كثيرة وفتح قنوات لتمرير المنتجات المقلدة.

ولقد وقع عديد من المتسوقين عبر الإنترنت ضحايا لهذا النوع من التسوق، حيث مررت لهم منتجات مقلدة رخيصة الثمن. علاوة على ذلك، فإن بعض الأحداث مثل جائحة كورونا دفعت إلى نمو سوق المنتجات المقلدة.

إن سوق المنتجات المقلدة تقضي على عائدات الشركات والحكومات وتغذي الأنشطة الإجرامية، وإن ذلك يمكن أن يعرض صحة المستهلكين وسلامتهم للخطر. لذلك فمن الضروري عمل مزيد من الجهود الدولية، تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، ومنظمة الجمارك العالمية، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، للتصدي لهذه الممارسات غير القانونية وغير الشرعية من أجل حماية الملكية الفكرية وحجب تلك المنتجات المقلدة المزيفة الرخيصة.
أما على المستوى المحلي، فيعزو السبب في إنتاج وانتشار مبيعات المنتجات المقلدة والمزيفة، إلى رخص ثمنها بمقارنتها بأسعار سلع مناظرة أخرى تكون أصلية، لذلك يقبل المشتري على شرائها مع أنه يعلم تمام العلم بأنها مقلدة لأن سعر السلعة المقلدة يعد جاذبا ومحفزا على ابتياعها من قبل المستهلك، وهذه السلع المقلدة تعرف بأسماء لائقة مثل "تجاري" بدلا من مقلد أو غير أصلي.

في الختام، تعمل وزارة التجارة على ضبط السلع المقلدة، حيث يعد ذلك مخالفا لنظام مكافحة الغش التجاري ونظام العلامات التجارية وحماية المستهلك، إضافة إلى تأكيد دور الجهات الحكومية الأخرى، مثل الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة العامة للغذاء والدواء، وغيرها، في فحص واختبار المنتجات المقلدة وعدم فسحها ووصولها إلى السوق السعودية.

وعلى الجهات المعنية والمسؤولة عن حماية المستهلك تكثيف الجهود وتوحيدها من أجل التصدي لمنع المنتجات المقلدة من دخول المملكة، لأنها إذا وصلت إلى الأسواق فالمستهلك الذي يحتاج إليها سيشتريها بسعرها الرخيص ما يسبب لتلك المنتجات رواجا، ولسلامة وصحة المواطن أضرارا متعددة. ويظل بالطبع وعي المستهلك وتعاونه هما الأساس والمعول عليه في وقف تدفق تلك المنتجات المقلدة إلى السوق المحلية.