ما من مجتمع في عالم اليوم إلا وهو مدفوع للأخذ من المجتمع الآخر ولذلك فالعلاقة مع الآخر مطلب إنساني وثقافي وذلك عبر التواصل والاحتكاك الثقافي والإنساني مع مختلف المجتمعات وتكريس مبدأ التسامح والسلام والشفافية وتنشئة أجيال منفتحين يؤمنون بالعيش في إطار هذا العصر ويرفضون مقولات العنف والإقصاء والتعصب والكراهية..

تشكل الدراسات والبحوث والأوراق العلمية إحدى الركائز الأساسية في حياتي العلمية والثقافية والفكرية وذلك لإثراء المشهد العلمي والثقافي والفكري وتقديم التحليلات المنهجية وإشاعة أجواء المعرفة ونشر الوعي الحضاري بمنهج علمي وموضوعي.

وقد سلكت في دراساتي ومشاريعي البحثية مسلكا علميا تحليليا يقوم على الوضوح والموضوعية وتنويع المصادر والمراجع البحثية والملاءمة ما بين مناهج البحث العلمي مقتفيا الطريقة العلمية الحديثة من حيث التوثيق والنقد والتحليل والاستقراء واستقصاء المعلومات واستخلاص الحقائق العلمية.

وإن كانت معظم تلك الدراسات والمشاركات العلمية تقوم على قيم الحوار والتسامح والعلاقة مع الآخر.

فقد كنت شاركت مع بعض الأكاديميين في حوار برلماني بريطاني عقد في مكتبة الملك عبدالعزيز في الرياض تحدثت فيه عن التبادل الدولي للأفكار مؤكدًا على الانفتاح على العالم كمشروع فكري وحضاري وإنساني.

فالانفتاح المقترن بالأخلاق والتسامح المنهجي يقرب المسافات بين المجتمعات الإنسانية ويضعنا في حالة انسجام مع العالم ويتيح لنا الإحساس بأننا جزء من هذا الكيان البشري.

ذلك أن كثيرًا من الأحداث التي تقع في العالم اليوم تفتقر إلى التسامح فالعزلة القائمة بين الثقافات والمجتمعات الإنسانية تستوجب التسامح الإنساني.

فما من مجتمع في عالم اليوم إلا وهو مدفوع للأخذ من المجتمع الآخر ولذلك فالعلاقة مع الآخر مطلب إنساني وثقافي وذلك عبر التواصل والاحتكاك الثقافي والإنساني مع مختلف المجتمعات وتكريس مبدأ التسامح والسلام والشفافية وتنشئة أجيال منفتحين يؤمنون بالعيش في إطار هذا العصر ويرفضون مقولات العنف والإقصاء والتعصب والكراهية.

كما شاركت في ندوة إعلامية حول القنوات الفضائية والتسامح وتطرقت إلى دور الإعلام وقلت: إن الإعلام مهمة وطنية في أول المقامات تحددها قبل الخبرة المهنية عوامل وظروف وطنية تفرض التوجه المناسب متى ما تحلى القائمون على الإعلام بالوعي والالتزام وقد ألقى المجتمع الدولي على الإعلام مسؤولية كبيرة في نشر قيم الحوار والتسامح والوقوف ضد العنف، والتعصب والكراهية والتطرف والإقصاء فالإعلام وسيلة الاتصال الرئيسة بين الناس، ولذلك يفترض فيه أن يعكس ما يدور في المجتمع بأمانة ودقة وهذا حد أدنى من واجب الإعلام كمهنة، وأن يصعد به من مجرد أداة اتصال ليجعل منه ضمير المجتمع وذلك من خلال المرتكزات التالية:

تأسيس خطاب إعلامي أخلاقي يؤمن بثقافة الحوار والتسامح وعلى درجة عالية من المرونة والشفافية والانفتاح.

إحداث تغييرات نوعية في مؤسسات الإعلام، ووسائل التواصل والوسائط المعرفية تقوم على الوسطية والانفتاح وتكريس ثقافة الحوار والتسامح.

بناء نموذج إعلامي اتصالي مع مختلف أفراد وأطياف وتيارات وفئات ومؤسسات المجتمع يؤكد على التوحد ويرفض الانقسام ويغلب المصالح العليا على المصالح الضيقة ويؤسس لثقافة الانفتاح والتسامح.

إثراء فكرة التواصل والتسامح والحوار الإيجابي القائم على قاعدة وطنية وإنسانية.

بث رسائل إعلامية تدعو إلى التسامح والانفتاح والتصالح والسلام وتنبذ الأحادية، والتحيز والاقصاء والقطيعة والرفض والكراهية، والعنف والتعصب.

وشاركت في ندوة علمية حول العلاقة مع الآخر عقدت في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تبعها جلسات فكرية حول العلاقة مع الآخر نوقش فيها العلاقة مع الآخر وصورة التعامل مع الثقافات والحضارات الأخرى.

وقد شارك في الندوة حشد من الشخصيات الثقافية وذلك لصياغة رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات والمجتمعات الإنسانية تقوم على الاعتدال والوسطية والثوابت للوصول إلى تصور يحدد العلاقة بالآخر، فالعلاقة مع الآخر على المستوى الرسمي تقوم على معطيات موضوعية وعلى تحليل منطقي لمصالح الطرفين في ظل انتماء كل منهما لحضارته واحترام كل منهما لتراثه الثقافي وخياراته الحضارية في اعتراف متبادل يقوم على الندية والتكافؤ.

أما على المستوى الفردي أو الجماعي فإن العلاقة مع الآخر تقوم على القواسم الإنسانية المشتركة ونقاط التفاعل الثقافي والحضاري والتبادلات الحضارية وعلاقات الصداقة ودوائر التواصل والتلاقي والمراكز الثقافية والمنتديات العالمية على قاعدة إنسانية تغلب الرؤية الإنسانية المنفتحة على الرؤية الضيقة.

وقد حدث خلال دورات الحضارات المختلفة أن تأخذ أمة عن أخرى ثم يأتي دور تكون فيه الآخذة معطية لا تستأثر بها أمة دون أخرى وما من أمة في عالم اليوم إلا وهي مدفوعة للأخذ من أمة أخرى وإذا سلمنا بأن العلاقة مع الآخر مطلب إنساني واستراتيجي وعصري فإن التصور لهذه العلاقة يكون بـ":

تنشئة أفراد منفتحين على ثقافات الآخرين يؤمنون بالعيش في إطار العصر ويحترمون الفروق بين البشر وقادرين على حل الإشكالات بوسائل تسامحية ينبذون مقولات العنف والإقصاء ويستبعدون كل موقف يؤدي إلى الكراهية والتعصب.

تكوين جمعيات صداقة مع الآخر في المؤسسات الثقافية والملتقيات العلمية والتكوينات الفكرية والأكاديمية كالجامعات والمراكز العلمية ومؤسسات البحث العلمي والمؤسسات الاقتصادية والمراكز الثقافية.

بناء علاقات تواصل ثقافي إنساني بين مختلف الثقافات العالمية والانفتاح على جميع التيارات الثقافية والأقوام الأجنبية والمجتمعات الحديثة وذلك عبر التركيز على نقاط التلاقي والتفاعل الثقافي الإيجابي وتبني منطق حواري حضاري معتدل ومتوازن.

فتح حوارات ثقافية وعلمية وتقنية بين مختلف الشباب والآخر وإيجاد ورش عمل يشارك فيها مجموعات شبابية من مختلف الثقافات لتقوية العلاقة مع الآخر والانفتاح على ثقافته وتهيئة حلقات نقاش مفتوحة وإثرائها بالحوارات الفكرية المختلفة.

نشر ثقافة المقاهي المفتوحة مع الآخر في الداخل وتشجيع الحوارات الفكرية والثقافية ودعوة الآخر لمختلف المناسبات المفتوحة وتحفيزه على عرض ثقافته وتراثه.

نشر ثقافة التعاون التطوعي والأيام الثقافية والمعارض التطوعية والمسابقات الرياضية في الجامعات والتكوينات العلمية والمدرسية بين الشباب في مختلف الثقافات.

الاستفادة من تراث الآخر بعد نقده واستيعابه وإدخاله النسق الثقافي المحلي.

اشتمال مناهج التعليم على مبادئ السلام وقيم التسامح وتقبل الآخر.

الانفتاح التام على مختلف التيارات الثقافية وتكريس ثقافة التسامح والسلام والتصالح وفق رؤية حضارية وذلك عن طريق تبني خطاب ثقافي مستنير يتسم بالاعتدال والتوازن وتسوده الشفافية والتلقائية منفتح على الوعي العالمي يتمتع بسعة العقل وشمولية الرؤية ويكرس قيم التسامح والتصالح والانفتاح ويؤكد على المرونة الاجتماعية والانفتاح على الآخر ويعزز ثقافة السلام ومبادئ التعايش السلمي.